مقالات وآراء

المغرب بين صوت الشارع ونداء الإصلاح

بقلم: محمود سعيد برغش

يشهد المغرب في هذه الأيام موجة من الاحتجاجات الشعبية التي عكست حجم الغضب المتراكم في صدور الشباب والمواطنين.

فالمطالب لم تعد مجرد صيحات عابرة، بل تحولت إلى رسالة واضحة: لا تنمية حقيقية بلا عدالة، ولا استقرار بلا إصغاء لصوت الشعب.

جذور الأزمة

تتعدد أسباب هذا الحراك، لكنها تلتقي عند قاسم مشترك واحد هو الشعور بالتهميش والخذلان.

بين أزمة البطالة التي تحاصر الشباب، وضعف الخدمات الصحية، وتردي واقع التعليم، يعيش المواطن المغربي يوميًا اختبار الصبر على واقع يراه أبعد ما يكون عن طموحاته.

البعد الشرعي والإنساني

القرآن الكريم يضع ميزانًا واضحًا لإدارة شؤون الناس، قال تعالى:

“إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ” [النحل: 90].

كما حذر النبي ﷺ من الظلم حين قال:

“اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة”.

فالعدل هو الأساس الذي تُبنى عليه الدول، والكرامة الإنسانية ليست منحة تُعطى بل حق أصيل كفله الشرع والعقل.

من الشارع إلى طاولة الإصلاح

أصوات الشباب التي تملأ الساحات اليوم ليست دعوة للفوضى، بل صرخة تبحث عن إصلاح حقيقي. إصلاحٌ يبدأ من:

محاربة الفساد بكل أشكاله.

إعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن.

وضع التعليم والصحة في مقدمة الأولويات.

الطريق إلى الغد

إن المغرب يمتلك تاريخًا عريقًا، وشعبًا واعيًا قادرًا على الصبر والبناء، لكنه في المقابل يرفض أن يكون مجرد متفرج على ضياع مستقبله. الإصلاح اليوم لم يعد خيارًا بل ضرورة، والقيادة الحكيمة هي التي تُصغي لصوت الشعب قبل أن يعلو الصراخ.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

“لو أن بغلة عثرت في العراق لسُئلت عنها لما لم أُعبّد لها الطريق”.

وهذا القول يلخص معنى المسؤولية: كل روح، كل حق، وكل كرامة هي أمانة في عنق الحاكم.

المغرب الآن يقف عند مفترق طرق: إما أن يُترجم الغضب الشعبي إلى إصلاح عادل يعيد الثقة ويُحيي الأمل، أو أن يُترك النزيف ليستنزف طاقة الوطن. التاريخ لا يرحم، والأجيال لا تنسى، والشعوب دائمًا أصدق من كل الشعارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock