مقالات وآراء

المناورات المصرية الصينية : استعراض قوة ام اعادة رسم للتحالفات

جريدة الصوت

بقلم احمـــد شتيــــه

في خطوة تعكس تعزيز التعاون العسكري بين القاهرة وبكين، تستعد سماء العاصمة المصرية لاستضافة مناورات جوية مشتركة بين القوات الجوية المصرية ونظيرتها الصينية، في تدريب يُعد الأكبر من نوعه بين البلدين. هذه المناورات ليست مجرد تدريب روتيني، بل رسالة استراتيجية واضحة تُعلن عن تحوّل جيوسياسي في المنطقة، قد يعيد رسم تحالفات القوى ويؤثر على المشهد الأمني في الشرق الأوسط.

تأتي هذه المناورات في إطار التوسع المستمر للعلاقات العسكرية بين مصر والصين، والتي شهدت في السنوات الأخيرة توريد أسلحة متطورة من بكين إلى القاهرة، بما في ذلك الطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي. الصين، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها العالمي عبر مبادرة “الحزام والطريق”، ترى في مصر شريكًا محوريًا بسبب موقعها الجيواستراتيجي وقدراتها العسكرية المتنامية.

من جانبها، تهدف مصر إلى تنويع مصادر تسليحها وتعزيز قدراتها الدفاعية في ظل التحديات الأمنية في المنطقة، بدءًا من الأزمات في ليبيا وصولًا إلى التهديدات في البحر الأحمر. التعاون مع الصين يمكّن القاهرة من الحصول على تكنولوجيا عسكرية متقدمة بأسعار تنافسية، مقارنة بالعروض الغربية التي غالبًا ما تكون مقيدة بشروط سياسية.

تُظهر هذه المناورات أن الدول الإقليمية الكبرى مثل مصر لم تعد تعتمد حصريًا على الغرب في مجال التسلح والتدريب. الصين، كقوة عسكرية واقتصادية صاعدة، تقدم بديلًا جذابًا للدول التي تسعى إلى تحقيق توازن في علاقاتها الدولية بعيدًا عن الضغوط السياسية الأميركية أو الأوروبية.

وتسعى القاهرة لإرسال رسائل إلى الأطراف الإقليمية
إسرائيل :قد تُثير هذه المناورات قلقًا في تل أبيب، التي تراقب عن كثب أي تطوير للقدرات الجوية المصرية، خاصة إذا شملت تدريبات على تكتيكات متقدمة أو استخدام أنظمة صينية قد تغير المعادلة في سيناء أو على الحدود الشرقية.

تركيا: مع تنامي التنافس التركي المصري في ليبيا وشرق المتوسط، فإن تعزيز القدرات الجوية المصرية بمساعدة صينية قد يزيد من ضغوط أنقرة لمراجعة حساباتها.

الدول الخليجية: بينما تحافظ مصر على علاقات قوية مع السعودية والإمارات، فإن تقاربها مع الصين قد يدفع هذه الدول إلى تعزيز شراكاتها مع بكين أيضًا، مما يعيد تشكيل التحالفات الأمنية في المنطقة.

تعزيز الردع المصري: في ظل التهديدات الإرهابية والتحديات الأمنية في المنطقة، تُظهر هذه المناورات أن القوات الجوية المصرية قادرة على التعامل مع سيناريوهات معقدة، بدعم من حليف استراتيجي مثل الصين. هذا قد يرفع تكلفة أي مغامرة عسكرية ضد مصر أو مصالحها.

المناورات المصرية الصينية ليست مجرد استعراض عسكري، بل هي مؤشر على تحول أعمق في السياسة الدولية للشرق الأوسط. فبينما تعتمد دول المنطقة تقليديًا على الولايات المتحدة كضامن أمني رئيسي، يظهر التعاون المصري الصيني أن البدائل تزداد قوة، خاصة مع تراجع النفوذ الأميركي النسبي في المنطقة.

السؤال الآن: هل ستكون هذه المناورات بداية لمزيد من التقارب بين القاهرة وبكين على حساب العلاقات التقليدية مع الغرب؟ أم أنها مجرد خطوة في إطار استراتيجية مصرية ذكية لتحقيق التوازن بين جميع الأقطاب الدولية؟ الإجابة قد تحدد ملامح النظام الإقليمي الجديد في السنوات المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock