دين ومجتمع

مجالات الصدق والكذب الواقعية في الحياة

بقلم -محمد الدكروري

الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والشكر له على ما أولانا من واسع كرمه وفضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدى من هدى بفضله، وأضل من أضل بحكمته وعدله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى من جميع خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وصحبته، وسلم تسليما ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أن في ميادين الحياة يتجلى الصدق والكذب رأي العين، وإن خالط اللسان بعض الإدعاء، وكل منهما له مناصرون ومؤيدون ومبرزون، فمن الناس من يصدق ويتحرى الصدق في حاله وقاله، ومنهم من يكذب كما يتنفس لأنه قد تعود على الكذب، ولا يجد فيه عوجا، ومن أحوال الناس في الصدق والكذب حالات التمادح والثناء الزائف والزائد عن الحد، الذي يحيل الهر الضعيف إلى شاكلة الأسد.

وهذا بلاء كبير، فترى أحدهم يمدح بشكل جزافي، وينزل الذكاء على البليد، والهمة على القاعد، والشجاعة على الجبان، والكرم على البخيل في تكاذب منكور، وإن هذه الوجوه المستخزية يجب أن يثار فيها التراب جراء كذبهم، وقال أبو هريرة رضي الله عنه ” أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في أفواه المدّاحين التراب ” رواه الترمذي، وعن همام بن الحارث رضي الله تعالى عنه ” أن رجلا جعل يمدح عثمان، فعمد المقداد، فجثا على ركبتيه، وكان رجلا ضخما، فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان ما شأنك؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في وجوههم التراب ” رواه مسلم، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نمدحه على طريقة مخالفة في دين الله فقال ” لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم.

فإنما أنا عبده، فقولوا عبدالله ورسوله “رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وميزان العدل ألا يشهد الإنسان لأخيه إلا بما يعلم، وإلا فالسكوت أولى، وإذا رام المدح لأحد الناس فلا يحقق، بل عليه أن يقول أحسب فلانا، فعن نفيع بن الحارث رضي الله تعالى عنه قال ” أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ويلك، قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك مرارا، ثم قال من كان منكم مادحا أخاه لا محالة، فليقل أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا، أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه ” رواه البخاري، فيا عباد الله، ومن مجالات الكذب المحرم ما يجرمه أهل شهادات الزور، فعن نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ألا أخبركم بأكبر الكبائر، قالوا بلى يا رسول الله،

قال الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال ألا وقول الزور، فما زال يكررها، حتى قلنا ليته سكت” رواه البخاري، وعلى أهل القضاء والمجالس الإصلاحية توخي العدل والقسطاس في الحكم، وعدم الجنوح إلى إغماض حق، أو رفعة باطل يجمله الهوى أو الشنآن، ومن صور الكذب المجتمعي ما يقع فيه البعض حال البيع والشراء، فيكذب البائع ويجمل سلعته بما ليس فيها، أو يخفي عيوبها طلبا للربح، وهذا كله من صور الغش المنهي عنه، بل الصدق أفضل المراكب حينئذ، فعن حكيم بن حزام أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو قال حتى يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا، بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا، محقت بركة بيعهما ” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock