دين ومجتمع

مسببات حجب الدعاء 

بقلم - محمد الدكرورى

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الغش والطمع، وأنه طريق لحرمان إجابة الدعاء، وأنه طريق لحرمان البركة في المال والعمر، ولقد وصل الغش إلى شرائح كثيرة من المجتمع وصولا ليست له دلالة سوى أن صاحبه قد باع آخرته بدنيا عفنة قذرة، لن تطول كثيرا، ولن يجنيَ في آخرته سوى الخسران والضياع يوم لا ينفع الندم، واعلموا أن هناك نماذج من المفلسين، ومنهم ذلك التاجر، فمن التجّار من تجده يحلف الأيمان المغلظة في تجارته وهو يعلم أنه كاذب، ومنهم من يغش في سلعته بخلطها بما يفسد فائدتها، ومنهم من يغش في تواريخ الإنتاج وتواريخ الصلاحية، ومنهم من يضع السلع الفاسدة بقاع العبوة.

ثم يضع من فوقها السلع الصالحة المميزة في شكلها وجمالها ومنهم من يخلط مع العسل ماء ومنهم ومنهم ومنهم الكثير والكثير، فيا تاجرا غاشا في تجارتك، اعلم أنك مفلس، فاتقي الله عز وجل فربك يراك وسيحاسبك ولن ينفعك ندم ولا تحسر، ومن الموظفين من يغش كثيرا وتجده لا يتقي الله في وظيفته، فيزوغ ويهمل ويحصل على راتب يشوبه الكثير من الحرام، ويطلب من زملائه التوقيع بالحضور وهو لا يكون حاضرا في دائرة عمله، ومنهم من تجدهم لا يرقبون في الله إلا ولا ذمة، لا يهمهم أمن حلال يأكلون، أم في حرام يغوصون ؟ يظنون أنها شطارة وفهلوة وذكاء وهؤلاء والله إنما يغشّون أنفسهم ويضحكون على أنفسهم قبل كونهم يغشّون الله وأصحاب مؤسساتهم ودوائر أعمالهم، وأى بركة ستحلّ على رواتبهم، وبأى وجه سيقابلون ربهم عند الحساب؟

ألا يعلمون أن من نبت لحمه من حرام فالنار أولى به ؟ يتحالفون مع الشيطان فيصلون به إلى حلبة من الصراع، يتفوقون عليه وعلى جنوده بل ويتميزون، أليس في هذا غش لجهة العمل سواء لأصحاب الأعمال بالقطاع الخاص أو المصالح الحكومية ؟ وأليس في هذا غش لنفسه وزوجه وبنيه، فهو يطعمهم من الحرام ويغذيهم من الحرام، فأنّى يستجاب له ؟ فيا غاشّا في عملك ووظيفتك اعلم أنك مفلس، فاتقي الله فالغش ظلمات وضياع للضمير ومجلبة لعدم البركة، وقد تجد الطالب الذي يقتنص من زميله في قاعة الإختبارات الإجابة عنوة وسرقة مع سبق الإصرار والترصد لينجح على أكتاف المجتهدين المتعبين الذين لم يتركوا ليلة إلا وهم فيها ساهرون، ثم يفاجأ المسكين أن ذلك الآخر الذي غش منه قد حصل على درجة أعلى منه، كيف ذلك ؟ ولا يدري.

وإنا لله وإنا إليه راجعون، فتكون النقمة على المعلم الذي صحح الإختبار، وعلى الطالب الذي تفنن في القنص بإبهار، فتتأجج القلوب وتشتعل ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، فيا طالبا غاشا اعلم أنك مفلس فاتقي الله، فإن ما حصلت عليه قنصا سيكون إلى زوال، فضلا عن ضياع خلقك، وقد تجد فئة من المدعين للعلم والمعرفة يقومون بسرقة أبحاث غيرهم ومقالاتهم ودراساتهم، ثم يزيلون منها أسماء أصحابها وينسبونها لأنفسهم بلا ضمير، وبلا خجل، وبلا حياء وبلا خوف من الله تعالي، وهى فئة وشريحة كبيرة جدا الآن خاصة على الشبكة العنكبوتية فكثر هؤلاء الذين ينقلون المقالات والبحوث والدراسات عن غيرهم، وينسبونها لأنفسهم، ولا يكلف أحدهم نفسه أن يشير إلى أن المنشور قد تم نقله عن فلان أو علاّن إحقاقا للحق وحفاظا على حقوق من بحث وكتب ودرس وألَّف.

ولا حول ولا قوة إلا بالله ضاعت الضمائر، وعميت البصيرة والبصائر سعيا وراء الرياء والسمعة والشهرة حتى يقال عنهم إنهم كتّاب وعالمون ومثقفون ومميزون، فيا غاشا في العلم والمعرفة، اعلم أنك مفلس وإتقي الله، وأعطي كل ذي حق حقه، وإنسب الفضل في العلم والمعرفة إلى صاحبه وأهله، واعلم أن الله طيب لا يقبل إلا ما كان طيبا وأْتي بأسلوب راق لا ضياع فيه لحقوق الغير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock