صحف وتقارير

اليمن يفجر الخلاف الصامت بين السعودية والإمارات 

بقلم احمد شتيه 

 

 

رغم ما يجمع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من تحالف استراتيجى طويل وتنسيق وثيق فى ملفات إقليمية متعددة، فإن الملف اليمنى ظل واحدًا من أكثر الملفات حساسية، حيث بدأت تباينات الرؤى تتحول من خلافات مكتومة إلى مؤشرات توتر واضحة، خاصة مع تصاعد الحديث عن ضربات سعودية استهدفت سفنًا محمّلة بالأسلحة كانت فى طريقها إلى اليمن وطلب المجلس الرئاسى القوات الإماراتية الموجودة على الارض بمغادرة اليمن خلال ٢٤ ساعة فى خطوة حملت رسائل سياسية وعسكرية تتجاوز إطار المعركة مع الميليشيات الحوثية.

 

دخلت الرياض وأبوظبى التحالف العربى فى اليمن بهدف واحد معلن: الحفاظ على الدولة اليمنية ومنع سقوطها فى قبضة الميليشيات المدعومة إقليميًا ، لكن مع مرور الوقت، برزت اختلافات فى الأولويات والأدوات؛

فالسعودية ركزت على وحدة اليمن وأمن حدودها الجنوبية، بينما اتجهت الإمارات إلى دعم قوى محلية فى الجنوب والساحل، انطلاقًا من حسابات تتعلق بالأمن البحرى والمصالح الاستراتيجية فى البحر الأحمر وخليج عدن.

 

الضربات التى نُسبت إلى السعودية ضد سفن محملة بالأسلحة، وُصفت من قبل مراقبين بأنها رسالة حازمة لوقف تدفقات السلاح خارج إطار الدولة اليمنية الشرعية، لكنها فى الوقت ذاته كشفت عن حالة انعدام ثقة متزايدة بين أطراف يفترض أنهم فى خندق واحد.

فالمشهد لم يعد يقتصر على مواجهة الحوثيين، بل بات يعكس صراع نفوذ غير مباشر داخل الساحة اليمنية، يهدد بتحويل اليمن من ساحة تحالف إلى ساحة تنافس.

 

هذا التوتر لا يعنى قطيعة أو صدامًا مباشرًا بين الرياض وأبوظبى، لكنه بلا شك يهز صورة التماسك داخل التحالف الخليجى، ويفتح الباب أمام أطراف إقليمية ودولية لمحاولة استغلال أى شرخ فى الموقف العربى الموحد.

كما أن استمرار الخلاف دون إدارة سياسية هادئة قد يؤثر على ملفات تعاون أخرى، ويضعف قدرة الطرفين على فرض تسوية شاملة فى اليمن.

 

إقليميًا، أى تصدع فى الموقف السعودى–الإماراتى يصب مباشرة فى مصلحة القوى الساعية إلى إطالة أمد الصراع اليمنى، ويزيد من حالة عدم الاستقرار فى منطقة تعد من أهم ممرات التجارة والطاقة عالميًا.

فاليمن ليس مجرد أزمة محلية، بل مفتاح لأمن البحر الأحمر وباب المندب، وأى تصعيد داخلى ينعكس فورًا على أمن المنطقة ككل.

 

ويبرز الدور المصرى كعامل توازن مهم فمصر، بحكم علاقاتها الاستراتيجية المتوازنة مع الرياض وأبوظبى، واهتمامها المباشر بأمن البحر الأحمر، تمتلك القدرة على الوساطة الهادئة وتقريب وجهات النظر.

القاهرة تنطلق من مبدأ ثابت: الحفاظ على وحدة الدول العربية ومنع تفككها، وترى أن الحل فى اليمن لن يكون عسكريًا فقط، بل عبر تسوية سياسية شاملة تراعى مصالح الجميع دون المساس بأمن المنطقة.

 

ما يجرى فى اليمن اليوم ليس مجرد خلاف تكتيكى بين حلفاء، بل اختبار حقيقى لصلابة التحالفات العربية فى مواجهة التحديات الإقليمية.

والرهان يبقى على الحكمة السياسية، وعلى أدوار عقلانية فى مقدمتها الدور المصرى لإعادة ضبط البوصلة، حتى لا يتحول الخلاف إلى صراع مفتوح، يدفع ثمنه اليمن أولًا، والمنطقة بأكملها لاحقًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock