منذ فجر التاريخ، كان المنتصر هو من يكتب الحكاية، واليوم تُعيد مصر صياغة التاريخ بنفسها، تُعيد تعريف المجد، وتُثبت أن الحضارة المصرية ليست ماضيًا يُروى، بل حاضر يُصنع ومستقبل يُبهر العالم .
بهذه الكلمات العميقة والمؤثرة، عبّر النجم حسام الجندي عن مشاعره تجاه الحدث الأعظم في تاريخ الثقافة المصرية الحديثة، وهو افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي لم يكن مجرد افتتاح لمكان أثري، بل ولادة لحلم وطني جديد يُعيد لمصر مكانتها التي تستحقها كقلب الحضارة الإنسانية النابض.
كلمات حسام الجندي لم تكن مجرد منشور عابر على مواقع التواصل، بل كانت صرخة فخر من فنان يعرف قيمة الأرض التي ينتمي إليها، ويُدرك أن الفن الحقيقي لا ينفصل عن الوطن، بل يتنفس منه ويعيش لأجله.
حسام الجندي أثبت من خلال كلماته أنه ليس مجرد ممثل يؤدي أدوارًا أمام الكاميرا، بل هو مثقف وواعٍ يرى الفن كمسؤولية ورسالة، تمامًا كما يرى مصر كأم التاريخ.
منشوره عن المتحف المصري الكبير جاء كلوحة من المشاعر الصادقة، تُجسد ارتباط الفنان بهويته وجذوره، وكأنه يتحدث بلسان كل مصري شعر أن هذا الحدث لا يخص الحكومة أو المسؤولين فحسب، بل يخص كل مواطن ساهم بعرقه وصبره وحلمه في أن تظل بلاده واقفة شامخة رغم كل ما مرّت به.
عندما كتب: “منذ فجر التاريخ، كان المنتصر هو من يكتب الحكاية…” لم يكن يكتب عن ملوك أو حكّام، بل عن شعب بأكمله، عن ملايين الأيادي التي صنعت المجد بالأمس وتصنعه اليوم من جديد.
وفي الوقت الذي اكتفى فيه كثير من النجوم بالتفاعل البسيط أو المجاملات، اختار حسام أن يقدّم فكرًا ووعيًا، وأن يربط بين الفن والتاريخ في جملة قصيرة لكنها حملت عمقًا فلسفيًا عظيمًا.
لقد تحدث بلسان الوطن لا بلسان الشهرة، واختار أن يذكّر الجميع أن مصر لا تُقاس بما مضى فقط، بل بما تصنعه اليوم وما ستقدمه غدًا.
تلك الكلمات القليلة كانت كفيلة بأن تُظهر الوجه الآخر لحسام الجندي، الوجه الذي يعكس روح المثقف الوطني الذي يدرك أن الفنان الحقيقي لا يعيش في برج عاجي، بل يعيش في قلب بلده، يشعر بنبضها، ويتألم لأوجاعها، ويفتخر بإنجازاتها.
أما المتحف المصري الكبير، فهو الحدث الذي ألهم هذه المشاعر النبيلة، لأنه ببساطة أكبر دليل على أن مصر لا تعرف المستحيل. في تلك الليلة التي أضاءت فيها السماء بالعروض النارية والموسيقية، لم يكن المشهد مجرد احتفال رسمي، بل كان درسًا في الهوية.
كل حجر في المتحف يحكي قصة مجد، وكل تمثال يقف شامخًا ليُذكّرنا أننا أحفاد عظماء صنعوا التاريخ بعرقهم، وأننا اليوم نُكمل مسيرتهم بالعقل والإبداع والفن.
لذلك لم يكن غريبًا أن يتأثر حسام الجندي بهذا الحدث، لأنه فنان يرى الجمال بعين القلب قبل العين، ويقرأ الرسائل الوطنية في تفاصيل المشهد الفني والإنساني.
حسام من الفنانين القلائل الذين يُدركون أن الفن لا ينفصل عن الوعي، وأن الفنان الحقيقي هو ضمير أمته وصوتها في لحظات الانتصار والاختبار معًا.
لذلك جاءت كلماته عن المتحف المصري الكبير لتكون امتدادًا طبيعيًا لمسيرته الفنية، التي تحمل دائمًا أبعادًا فكرية وإنسانية أعمق من مجرد التمثيل.
هو لا يبحث عن الأدوار التي تلمع مؤقتًا، بل عن تلك التي تترك أثرًا طويلًا في الوجدان، تمامًا كما ترك منشوره هذا أثرًا فوريًا في قلوب متابعيه الذين رأوا فيه صورة الفنان المصري الأصيل الذي يفتخر بوطنه في كل لحظة.
لقد أثبت هذا المنشور البسيط أن الكلمة الصادقة أقوى من أي ضوء أو كاميرا، وأن الفنان حين يكتب من قلبه يصبح صوته مسموعًا أكثر من أي تصريح أو لقاء.
حسام الجندي كتب للمتحف الكبير كما يكتب فنان لوحته الأخيرة، بكل شغف وإخلاص، فكانت كلماته مرآة لروح مصر في لحظة مجدها.
هو فنان يعرف جيدًا أن الحضارة لا تُختصر في جدران المتاحف، بل تعيش في الناس، في الوعي، في الفن، وفي كل من يملك الشجاعة ليقول للعالم: “نحن هنا… وما زلنا نُبهر”.
وفي النهاية، يمكن القول إن حسام الجندي بهذا المنشور البسيط كتب فصلًا جديدًا في سيرته الفنية والإنسانية. لقد أثبت أن النجومية ليست فقط في التمثيل أو الأضواء، بل في الوعي والموقف، وأن الفنان الذي يُدرك قيمة وطنه يصبح جزءًا من مجده.
كلماته كانت دعوة مفتوحة لكل فنان أن يكون شاهدًا على زمن النهضة، لا متفرجًا عليه.
فكما أضاءت مصر سماءها في افتتاح المتحف المصري الكبير، أضاء حسام الجندي قلوب جمهوره بفخر لا يُشبه إلا فخر المصريين بتاريخهم، وحبهم الذي لا ينتهي لوطن اسمه “مصر”.