فن وثقافة

“بوسي شلبي والساحر الراحل… أزمة عائلية أم لعبة ترند؟”

بقلم د/ سماح عزازي
في زمنٍ أصبحت فيه الخصوصية ترفًا، والوفاء مادةً قابلة للجدل، تطفو على السطح بين الحين والآخر حكايات تحمل في ظاهرها مشاهد إنسانية، وفي باطنها صراعات دفينة، لا تلبث أن تتحوّل إلى “ترند” تتغذّى عليه وسائل الإعلام، وتشتعل به السوشيال ميديا.
ومن بين تلك الحكايات، برزت الأزمة الأخيرة بين الإعلامية بوسي شلبي، أرملة النجم الراحل محمود عبدالعزيز، وبين أبنائه، وعلى رأسهم الفنان كريم محمود عبدالعزيز، لتتحول من مشهد عابر في عرضٍ سينمائي إلى قضية رأي عام، تكشف هشاشة العلاقات في الوسط الفني، وارتباك الحدود بين العاطفة، والإرث، والضوء.
في زمن تحكمه خوارزميات المشاهدة و”اللايك والشير”، لم تعد العلاقات العائلية الخاصة بمنأى عن التناول العام، بل تحولت إلى مادة دسمة للتشريح الرقمي والمضاربة الإعلامية.
هذا ما تجلى بوضوح في الأزمة الأخيرة التي انفجرت على السوشيال ميديا بين الإعلامية بوسي شلبي وأبناء زوجها الراحل، الساحر محمود عبدالعزيز، وعلى رأسهم الفنان كريم محمود عبدالعزيز.
أول الخيوط علاقة ممتدة أم تباعد متعمّد؟
عُرفت بوسي شلبي على مدار سنوات بأنها الزوجة الوفية للفنان الكبير، وقد بدت حريصة دومًا على الحفاظ على صورته حية في وجدان الجمهور، لا سيما من خلال منشوراتها المتكررة، وتغطيتها لمراسم إحياء ذكراه السنوية.
في لقاء مع برنامج “كلام الناس” (MBC مصر – 2022)، قالت بوسي شلبي: «أنا مش بعيش غير على ذكراه، وأجمل أيام عمري كانت معاه».
لكن المراقب لعلاقة الإعلامية بأبناء الساحر، خاصة كريم، كان يدرك فتورًا ظاهرًا منذ سنوات، لا سيما في المناسبات الاجتماعية، حيث تكررت مشاهد الغياب المتبادل، والتجاهل الإعلامي الواضح.
في أحد لقاءاته ببرنامج “معكم منى الشاذلي” (2023)، تحدث كريم عن والده كثيرًا، دون الإشارة لبوسي شلبي ولو مرة واحدة، ما اعتبره البعض موقفًا مقصودًا.
لحظة الانفجار: “إنت مالكش عيلة؟”
تداول رواد مواقع التواصل في إبريل 2025 مقطع فيديو صُوّر خلال العرض الخاص لفيلم “أبو نسب” بطولة كريم محمود عبدالعزيز، يظهر فيه الأخير يتحدث إلى الصحفيين، لتقاطعه بوسي شلبي قائلة: “إنت مالكش عيلة؟”، وهو ما أثار موجة غضب واتهامات بـ”الاستفزاز المقصود”.
المقطع الأصلي نشر على حساب برنامج ET بالعربي على إنستغرام في 25 إبريل 2025، وحقق أكثر من 4 ملايين مشاهدة خلال 72 ساعة.
الكاتب الصحفي خالد الصاوي وصف الموقف في مداخلة هاتفية مع قناة القاهرة والناس بأنه «غير مناسب، حتى لو على سبيل المزاح».
“ربما لم تكن بوسي شلبي تقصد الإهانة، وربما لم يكن كريم محمود عبدالعزيز يردّ، لكن الجمهور قرر أن يحكم… ويشعل النار.”
التفاعل الجماهيري… بين الانقسام والسخرية
لم يتأخر جمهور السوشيال ميديا في إشعال فتيل الأزمة؛ فبينما رأى فريق أن بوسي كانت تمزح، عبّر كثيرون عن غضبهم مما اعتبروه محاولة “استحواذ على ميراث رمزي” لا يخصها وحدها، بل يعود لأسرة فنية كاملة.
الناقدة الفنية ماجدة خيرالله علّقت في منشور لها على فيسبوك: «الموقف يعكس أزمة أعمق، وهي شعور بوسي بأنها الأولى برمز محمود عبدالعزيز، بينما يرى الأبناء غير ذلك».
كما دخلت شخصيات إعلامية وفنية على الخط، أبرزهم الإعلامية ريهام سعيد التي صرّحت في “صدى البلد”: «الخصوصيات لا تُحل على السوشيال ميديا… وما حدث كان يمكن حسمه خلف الأبواب المغلقة».
بوسي شلبي ترد… ولكن!
في محاولة لتهدئة الموقف، ظهرت بوسي شلبي في بث مباشر مع الإعلامي عمرو أديب على قناة MBC مصر،
وقالت: «كريم زي ابني… والموقف كان هزار… بس الناس بتحب تشعلل». وأضافت: «أنا اللي وقفت جنب محمود لآخر لحظة، وعمري ما عملت حاجة تغضب أولاده».
لكن الرد بدا للكثيرين غير كافٍ، وازداد التفاعل ضده على وسم بوسي_شلبي، حيث تجاوز عدد التغريدات 50 ألف تغريدة في أقل من أسبوع.
حين يصبح الإرث الفني ساحة للجدل… والمشاعر مادة للترند
أزمة مرآة من يُطارد الترند؟
ربما الأخطر في الأزمة ليس الخلاف في حد ذاته، بل طبيعة التفاعل معه، فكما هو معتاد في زمن “الإعلام الجديد”، تحوّلت القصة من مجرد توتر داخلي إلى وجبة ترند جاهزة، يتم إعادة تدويرها في مئات البرامج والمنشورات، دون التحقق من حقيقتها أو مراعاة لحساسيتها.
الباحث في الشؤون الإعلامية د. أشرف الشناوي كتب في مقال تحليلي لمجلة “الإعلام والرأي”:
«ما يحدث يؤكد أن الجمهور لم يعد يستهلك المحتوى فقط، بل يساهم في إنتاجه وإشعال ناره. النيات لم تعد مهمة، ما دام المحتوى يحقق التفاعل».
حكاية لم تنتهِ بعد
سواء كانت هذه الأزمة انعكاسًا لخلاف قديم، أو نتيجة زلّة لسان، فإنها تسلط الضوء على هشاشة العلاقات داخل الوسط الفني، وعلى حجم التحوّل الذي أصاب الثقافة الجماهيرية، حيث لا يُحكم على المواقف بنواياها، بل بتأثيرها، ولا يُقاس الوفاء إلا بعدد المشاهدات والتفاعل.
ويبقى الأمل أن تعود الأمور إلى نصابها، وأن يتم الفصل بين ما هو إنساني وعائلي، وما هو إعلامي واستعراضي، في زمن أصبحت فيه الترندات مؤلمة… لكنها مربحة.
قد تمرّ العواصف، وقد تُطوى الخلافات العائلية خلف الكواليس، لكنّ ما يبقى في ذاكرة الجمهور هو ما يُبثّ ويُعاد ويُشرّح في الفضاء الرقمي بلا هوادة.
أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز ليست مجرد خلاف على هامش المشهد، بل هي مرآة لتغيّر مفاهيم “الحب”، و”الوفاء”، و”الملكية الرمزية” في زمن أصبحت فيه الذكريات رأسمالاً قابلاً للاستثمار، والعلاقات الخاصة ورقةً في لعبة الترند.
ويبقى السؤال المعلّق: من يملك “الساحر” بعد رحيله؟ وهل يُقاس الوفاء بما يُقال أمام الكاميرا، أم بما يُصان بعيدًا عنها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock