مقالات وآراء

بين صدمة البنزين وصبر المواطن.. مصر تواجه اختبار الغلاء الجديد

بقلم: طارق فتحي السعدني

لم يكن صباح الأمس يوما عاديا في حياة المصريين فمع إعلان قرار رفع أسعار الوقود،تبدلت ملامح الشوارع والميادين وارتفعت معها دقات القلوب قبل أن ترتفع مؤشرات العدادات في محطات البنزين.

القرار الذي جاء في لحظة دقيقة من عمر الوطن فتح باب النقاش والجدل على مصراعيه بين مؤيد يراه ضرورة اقتصادية ومتخوف يراه عبئا جديدا على كاهل المواطن الذي أرهقته الأعباء.

كان المشهد في المقاهي والمواصلات ووسائل التواصل الاجتماعي مابين دهشة، قلق، وأمل.

فالمواطن البسيط الذي يحسب كل جنيه قبل أن يمد يده إلى جيبه، وجد نفسه أمام معادلة صعبة بين الالتزامات اليومية وثبات الدخل.

بعضهم تساءل: “إلى أين سنصل؟”، وآخرون حاولوا التماسك قائلين: “ربنا يستر.. وهنعدي زي كل مرة”.

ورغم موجة الغضب التي بدت واضحة في الشارع إلا أن هناك من نظر إلى الصورة من زاوية مختلفة،

معتبرا أن القرار رغم قسوته هو خطوة مؤلمة لكنها ضرورية في ظل ارتفاع أسعار الطاقة عالميا، ومحاولات الدولة لضبط الدعم وتوجيهه لمستحقيه الحقيقيين، بدلا من نزيف الموارد على حساب التنمية والخدمات.

لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن المواطن المصري يعيش اليوم بين كماشة الأسعار وثقل الحياة، ما يجعل الحاجة ملحة إلى إجراءات موازية تخفف عنه آثار تلك القرارات،

كزيادة الرقابة على الأسواق وضبط أسعار النقل والسلع الأساسية وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات المتضررة.

فالمصري، بطبعه الصبور يحتمل كثيرا حين يشعر بالعدل والشفافية،

ويصبر حين يدرك أن ما يتحمله اليوم سيفتح له باب الغد الأفضل.

لكن الصبر مهما طال يحتاج إلى أمل حقيقي،

ورسائل طمأنينة من الدولة تعيد الثقة بين القرارات الرسمية ونبض الشارع.

إن ما حدث بالأمس لم يكن مجرد “رفع أسعار”، بل كان اختبارا جديدا لعلاقة المواطن بالحكومة، واختبارا لصبره وقدرته على التكيف،

ولذكاء الدولة في إدارة الأزمة إعلامياً واقتصادياً وإنسانياً.

وفي النهاية.. سيبقى السؤال الذي يدور في أذهان الجميع:

هل سنرى في الأيام المقبلة خطوات توازي هذا القرار لتخفيف أثره؟

أم أن المواطن سيظل هو الحلقة الأضعف في كل معادلات الإصلاح؟

الزمن وحده كفيل بالإجابة، لكن ما نعلمه جميعاً أن المصري لا يهزم بسهولة، وأنه رغم كل الظروف يؤمن أن الغد لابد أن يكون أفضل لأن الأمل هو الوقود الحقيقي للحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock