مقالات وآراء

ترامب يشعل حربا تجارية عالمية ومصر فى قلب الحدث 

جريدة الصوت

بقلم احمــــد شتيـــه 

في ولايته الثانية، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الواجهة بسياسات أكثر صرامة وتحديًا على الساحة الاقتصادية العالمية. وبينما كان العالم يأمل في استقرار بعد سنوات من الأزمات المتتالية، فاجأ ترامب الأسواق بقرار جديد: فرض حزمة جديدة من الرسوم الجمركية على الواردات، تستهدف الصين ودول الاتحاد الأوروبي، وتمتد إلى دول نامية ومُصنّعة في آسيا وأمريكا اللاتينية.

هذه القرارات لم تكن مجرد أدوات حماية للاقتصاد الأمريكي كما يُروَّج، بل أعادت إشعال فتيل حرب تجارية عالمية من جديد، دفعت الدول إلى إعادة ترتيب أولوياتها التجارية، وأجبرت سلاسل التوريد العالمية على التكيف مع واقع جديد أكثر تعقيدًا، فما التأثير الحقيقي لهذه الرسوم؟ وكيف انعكست على مصر، الدولة ذات الاقتصاد الناشئ والموقع الجغرافي الاستراتيجي؟

تصعيد غير مسبوق في المعركة الاقتصادية

فرضت الإدارة الأمريكية، في ظل ولاية ترامب الثانية، رسومًا جمركية إضافية بنسبة تصل إلى 25% على مجموعة واسعة من الواردات، تشمل الإلكترونيات، السيارات، المعادن، والأجهزة الطبية، وذلك بدعوى “إعادة التوازن التجاري” وحماية “الوظائف الأمريكية”.

لكن هذه الرسوم سرعان ما قوبلت بردود أفعال من الشركاء التجاريين الكبار. الصين ردّت بفرض رسوم مضادة، والاتحاد الأوروبي أعلن عن خطط لحماية صناعاته من هذه السياسات “العدائية”. هكذا دخل العالم في موجة ثانية من الحروب التجارية، لكن هذه المرة في سياق اقتصادي أكثر هشاشة بسبب تداعيات ما بعد كورونا، وأزمات الطاقة وسلاسل الإمداد.

واهم تداعيات هذه الرسوم الجديدة على التجارة العالمية

اضطراب سلاسل الإمداد: الشركات العالمية بدأت في إعادة توزيع إنتاجها بعيدًا عن الصين والولايات المتحدة، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وتأخير عمليات التوريد.

زيادة الأسعار العالمية: الرسوم الجمركية انعكست سريعًا على أسعار السلع في الأسواق العالمية، خاصة المنتجات الإلكترونية والغذائية، ما زاد من معدل التضخم عالميًا.

انكماش تجاري في الأسواق الناشئة: الدول النامية، التي تعتمد على التصدير، شعرت بالضغط نتيجة انخفاض الطلب العالمي وتراجع الاستثمارات.

مصر في قلب العاصفة: خسائر وفرص محتملة

رغم أن مصر لم تكن في قائمة الدول المستهدفة بشكل مباشر، إلا أن آثار الرسوم الجمركية طالتها من عدة جهات:

1. ارتفاع تكلفة الاستيراد: بعض المنتجات المستوردة من أوروبا أو الصين ارتفعت أسعارها بسبب تأثر سلاسل الإنتاج والتوريد، ما أثر على السوق المحلي وزاد من معدلات التضخم.

2. فرص تصديرية جديدة: بعض الشركات العالمية بدأت تبحث عن بدائل تصنيعية خارج مناطق النزاع الجمركي، وهنا ظهرت مصر كخيار منطقي بفضل اتفاقيات التجارة الحرة التي تربطها بالاتحاد الأوروبي وأفريقيا.

3. الضغط على الصناعات المحلية: ارتفاع تكلفة المواد الخام والمكونات المستوردة أثر سلبًا على الصناعات الصغيرة والمتوسطة في مصر، وزاد من تحديات الإنتاج المحلي.

ان سياسات ترامب في ولايته الثانية لم تكن مجرد امتداد لنهجه السابق، بل تصعيد حاد يحمل رسائل واضحة: “أمريكا ستمضي في طريقها التجاري ولو وحدها”. هذا الواقع الجديد يتطلب من الدول – ومنها مصر – أن تراجع استراتيجياتها الاقتصادية، وتتبنى نماذج تنويع الإنتاج، وتوسيع الشراكات التجارية جنوبًا وشرقًا، لا غربًا فقط.

إن ما يحدث الآن ليس مجرد أزمة رسوم جمركية، بل بداية إعادة صياغة خريطة التجارة العالمية، وفي هذه اللحظة التاريخية، إما أن تستغل مصر موقعها الجغرافي ومرونتها الاقتصادية لتكون لاعبًا مؤثرًا، أو أن تبقى على هامش معركة لا تنتظر المتفرجين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock