عربي وعالمي
ترامب يعيد خلط الأوراق: ضريبة جديدة على التحويلات تهدد اقتصاديات أفريقية وعربية

كتبت منى توفيق
أقرّ مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون جديد يفرض ضريبة بنسبة 3.5% على التحويلات المالية الخارجية التي يرسلها المقيمون غير المواطنين في الولايات المتحدة في خطوة تثير جدلاً واسعاً.
ويبدو أن هذه الخطوة، التي تُعد جزءاً من أجندة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، ستلقي بظلالها الثقيلة على اقتصادات العديد من الدول النامية، خاصة في أفريقيا والعالم العربي، حيث تشكّل التحويلات المالية شريان حياة حيوياً للملايين.
التحويلات: شريان إنقاذ للاقتصادات الضعيفة
تلعب التحويلات المالية دوراً محورياً في دعم اقتصادات الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، إذ تفوق في بعض الأحيان حجم المساعدات الرسمية والاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن حجم التحويلات المتدفقة نحو القارة الأفريقية تجاوز 92 مليار دولار خلال عام 2024، بينها ما لا يقل عن 12 ملياراً مصدرها الولايات المتحدة وحدها.
ويؤكد إينوك راندي أيكينز، الباحث في معهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا، أن هذا القانون “سيترك أثراً بالغاً على المجتمعات التي تعتمد بشكل مباشر على دعم أقربائها في الخارج”. وأضاف أن تجربة عائلته الشخصية في غانا تعكس واقعاً يعيشه الملايين ممن ينتظرون تحويلات مالية لتأمين أساسيات الحياة كالعلاج والتعليم والغذاء.
تأثير مباشر على الأسر الفقيرة
عادةً ما يرسل المهاجرون الأموال إلى ذويهم في بلدانهم الأصلية لتغطية احتياجات عاجلة، وغالباً ما يكون هؤلاء المهاجرون من ذوي الدخل المحدود. وتشير الخبيرة الاقتصادية مونيكا دي بول من معهد بيترسون في واشنطن، إلى أن فرض ضريبة على هذه التحويلات قد يدفع المهاجرين إلى اللجوء لطرق غير رسمية أو العملات المشفرة، مما يصعّب تتبع هذه التدفقات ويقلّل من فاعليتها الاقتصادية.
وأضافت: “هذا الإجراء لا يضر فقط بالمهاجرين، بل أيضاً بالأسر التي تعتمد على هذه الأموال في البقاء على قيد الحياة. إنها ضريبة تمسّ الفقراء بالدرجة الأولى”.
دول عربية ضمن قائمة المتأثرين
لا تقتصر التداعيات على أفريقيا فقط، بل تمتد إلى عدد من الدول العربية التي تُعد من أكبر مستقبلي التحويلات المالية في القارة، مثل مصر والمغرب. ففي مصر، على سبيل المثال، تشكّل تحويلات العاملين في الخارج أحد أهم مصادر النقد الأجنبي، ما يعني أن أي تراجع في حجم هذه التحويلات قد يُفاقم من التحديات الاقتصادية.
وتبرز الخطورة بشكل أكبر في دول مثل الصومال، جزر القمر، غامبيا، وليبيريا، حيث تشكل التحويلات نسبة تصل إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب بيانات البنك الدولي.
هل تتحول العملات المشفرة إلى البديل؟
يرى بعض المحللين أن فرض مثل هذه الضرائب قد يُسرّع من الاعتماد على العملات الرقمية كوسيلة بديلة لتحويل الأموال، خصوصاً في ظل صعوبة تتبعها من قبل السلطات المالية. ويعتقد الباحث إينوك أيكينز أن هذا الاتجاه بات مرجحاً بشكل كبير، قائلاً: “عندما يصبح إرسال الأموال مكلفاً أو معقداً، سيبحث الناس عن بدائل سريعة وغير خاضعة للرقابة”.
إلى أين يتجه مشروع القانون؟
بعد تمريره في مجلس النواب، يتجه مشروع القانون الآن إلى مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث من المنتظر أن يخضع لنقاشات موسعة. وإذا ما تم اعتماده، فقد تُحدث الضريبة تغييرات جوهرية في نمط تدفق الأموال بين المهاجرين وبلدانهم، مما يتطلب استعداد الدول المتأثرة لإيجاد حلول بديلة لتخفيف الصدمة.



