ترامب يوقف نتنياهو ومصر تتدخل لانقاذ غزة بدون تهجير
بقلم الباحث في الشأن الاستراتيجي -أحمد شتيه

فى تطور سياسى وعسكرى لافت يعيد خلط الأوراق فى المشهد الفلسطينى – الإسرائيلى، عادت “خطة ترامب” لتتصدر العناوين بعد أن أثارت جدلاً واسعًا وردود فعل متباينة داخل المنطقة وخارجها لتكريس الاحتلال تحت عباءة السلام.
وفى خضم ذلك، برزت مصر كصاحبة الدور الأبرز فى تهدئة العاصفة والتوصل إلى تفاهمات أولية بين الأطراف المتصارعة، فى وقت طلب فيه ترامب من نتنياهو وقف خطته لاجتياح مدينة غزة، محذرًا من عواقب كارثية على الاستقرار الإقليمى.
جاء رد حركة “حماس” على خطة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب حادًا وواضحًا، حيث أكدت الحركة رفضها لأى حلول تمس المقاومة أو تنتقص من السيادة الفلسطينية على القطاع، معتبرة أن ما يُعرف بـ”خطة ترامب” محاولة جديدة لتثبيت واقع الاحتلال تحت غطاء السلام.
الرد الفلسطينى، الذى جاء بعد ساعات من تسريبات حول خطة أمريكية لإعادة إدارة القطاع بشكل مؤقت، تزامن مع توجيه ترامب طلبًا صريحًا لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بوقف التحرك العسكرى نحو مدينة غزة، خوفًا من تحول العملية إلى مواجهة إقليمية مفتوحة، خاصة فى ظل التحذيرات الدولية واحتدام الموقف الميدانى.
وفى خطوة لافتة، وجّه ترامب شكرًا خاصًا إلى مصر لدورها المحورى فى تقريب وجهات النظر ونجاحها فى دفع الأطراف نحو اتفاق مبدئى يهدف لوقف إطلاق النار وتهيئة الأجواء لحوار سياسى شامل. هذا الشكر يعكس إدراك الإدارة الأمريكية أن أى حل للأزمة الفلسطينية – الإسرائيلية لا يمكن أن يمر دون القاهرة، صاحبة الثقل التاريخى والدبلوماسى فى ملفات المنطقة.
لكن رغم الحراك السياسى المكثف، تبقى التساؤلات الكبرى قائمة: هل تصمد خطة ترامب أمام الواقع الميدانى المعقد؟ وهل يمكن لإسرائيل، التى تواجه انقسامات داخلية وضغوطًا دولية، أن تلتزم بوقف العمليات دون مكاسب ملموسة؟
يبدو أن الخطة الأمريكية – رغم ما تحمله من نوايا لاحتواء الأزمة – تواجه تحديات حقيقية. فالمقاومة الفلسطينية ترى فيها التفافًا جديدًا على الحقوق الوطنية، وإسرائيل تعتبرها قيدًا على تحركاتها العسكرية، بينما تحاول واشنطن تحقيق توازن دقيق بين الأمن الإسرائيلى والتهدئة الإنسانية.
المرحلة القادمة مرشحة لمزيد من التوترات، وقد تشهد مفاجآت على الأرض، خصوصًا إذا فشلت المساعى المصرية فى تثبيت الهدنة أو تعثرت الاتصالات بين واشنطن وتل أبيب. فخطة ترامب، مثل غيرها من المبادرات السابقة، قد تكون مجرد استراحة مؤقتة قبل جولة جديدة من التصعيد.
خلاصة القول: الشرق الأوسط يقف اليوم أمام مفترق طرق جديد؛ فإما أن تنجح الجهود الدبلوماسية المصرية فى تحويل “خطة ترامب” إلى مدخل لسلام دائم، أو تعود المنطقة إلى مربع المواجهة .