مقالات وآراء
نتنياهو وإسرائيل الكبرى: تصريحات خبيثة في توقيت خطير

بقلم احمد شتيه
باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع قناة i24 أنه “في مهمة تاريخية وروحية” وأنه “مرتبط بشدة” برؤية إسرائيل الكبرى، التي تشمل الأرض الفلسطينية المحتلة، وربما أجزاء من الأردن ومصر.
تصريح نتنياهو يأتي في وقت حرج للغاية؛ إذ تشهد المنطقة تدهوراً إنسانياً غير مسبوق في غزة مع تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية، والتي أدت إلى سقوط عشرات الضحايا يومياً، وسط أزمة غذائية حادة ومطالب دولية متزايدة لسد مداخل المساعدات الإنسانية.
في ظل معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي جسّدت تعاونا استراتيجياً منذ عام 1979، توصف العلاقات بـ”السلام البارد”، إذ تظل مصر حذرة تجاه أي مساس بسيادتها أو تجاوز للحدود المعترف بها دولياً.
تصريح نتنياهو يُعد تصعيداً خطيراً، إذ ربما يُفهم ضمنياً على أنه تهديد لاستقرار الجوار وخرق للحدود الوطنية.
مصر، التي سبق أن أعادت تأكيد رفضها لأي محاولة تغيير حدودها أو استقبال فلسطينيين كلاجئين، من المرجح أن تتابع الأمر بحذر بالغة واتخاذ اجراءات لمنع هذه التصريحات والتى تخلق احتقان لدى الشعب المصرى والذى يعتبر اى مساس بالحدود بمثابة اعلان حرب .
كما يمكن أن يؤدي هذا التصريح إلى موجة احتجاجات دبلوماسية من القاهرة، وربما تداعيات في المحافل الإقليمية ، و قد يُستخدم التصريح في المسيرات الشعبية الخطابية داخل مصر لتعزيز رفض أي محاولات توسيع حدود إسرائيل ، في ظل الاضطرابات الإقليمية، يمكن أن يرفع هذا التصريح من مستوى التنبه والتأهب المصري، خصوصاً على حدود سيناء.
ومن المرجّح أن يؤثر التصريح في سياسات الردع والإشارات الاستراتيجية على المدى البعيد ، كما يؤدى الى تعميق انعدام الثقة و يرسخ شعوراً دائماً لدى مصر والدول المجاورة بأن إسرائيل قد تنتهك حدوداً واضحة إذا سمح لها المشهد الداخلي بذلك.
على الرغم من أن سيناريو انهيار الاتفاق المصري الإسرائيلي يبقى بعيداً، فإن تصريحات كهذه قد تدفع مصر إلى تعزيز قدراتها الدفاعية والتعاون مع الحلفاء العرب كما ان مصر ربما تدفع أكثر نحو تقوية تحالفاتها مع الدول العربية والإسلامية لردع أية محاولات توسيع مستقبلية.
إعلان نتنياهو عن “رؤية إسرائيل الكبرى” في هذا التوقيت ليس عبثاً؛ بل هو تصريح محاط بلبس واحتقان، ويفتح ملفاً حساساً للغاية في العلاقات المصرية الإسرائيلية برد الفعل الرسمي أو حتى الصامت قد يرسم خارطة المرحلة القادمة فملف السيادة المصرية من الخطوط الحمراء التى وضعتها القيادة السياسية والتى لا تقبل المساومة او حتى النقاش يدعمها ظهير شعبى يقف خلف رئيسه ومستعد لتشكيل حائط صد بشرى ضد اى اعتداء على الارض.