دين ومجتمع

تعظيم الجمال بالقلوب من سُنة المحبوب

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه و خليله وخيرته من خلقه، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة، ومحا الظلمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك صلى الله عليه وعلى آله و صحبه ومن دعا بدعوته واقتدى بسنته إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير غن الجمال، ولمّا كان الجمال معظما في القلوب، قال الإمام على بن أبى طالب كرّم الله وجهه، لم يبعث الله نبيا إلا جميل الصورة وحسن الوجه وكريم الحسب، حسن الصوت” وقد كان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أحسن الناس وجها، وأجملهم طلعة ولم يصفه واصف.

 

إلا شبه وجهه بالقمر ليلة البدر المكتمل ومن جمال خلقه فقد كان صلى الله عليه وسلم بسّاما وألين الناس، وأكرم الناس، وأحسن الناس خلقا وترمقه يوما أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها جالسا يخصف نعله والعرق يتصبب من وجهه الشريف كالدرّ المنثور، فتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه له وقد بهرها جماله وجلاله لكأنك المعنى بقول الشاعر “إذا نظرت إلى أسّرة وجهه برقت كبرق العارض المتهلل” وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يكون الرسول الذى يُرسل إليه حسن الوجه وحسن الاسم فيقول “إذا أبردتم إلىّ بريدا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم” رواه البزار، وبالمثل فقد كان صلى الله عليه وسلم يهتم بإرسال الوجوه الحسنة للقيام بالسفارة إلى خارج ديار المسلمين، فكان سفيره دحية بن خليفة الكلبى وهو صاحب أجمل وجه في بلاد العرب.

 

وكان جبريل عليه السلام يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورته، ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على الجمال حتى في الأسماء، فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير بعض الأسماء ذات المعنى أو الرنين المسيء، فغيّر اسم عاصية ليقول لها أنت جميلة، وغيّر اسم زوجته بريرة إلى جويرية التي قالت عنها أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها كانت حلوة ملاّحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، ومن الأسماء التي غيّرها الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عندما مرّ على قرية إسمها عفرة، فسماها خضرة، واسم حزن غيرّه إلى سهل، وإسم مضطجع غيّره إلى منبعث، وجثامة إلى حسانة، وشهاب إلى هشام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى جمال الباطن مثلما كان يدعو إلى جمال الظاهر، فيقول لجرير بن عبدالله “إنك امرؤ قد أحسن الله خلقك فأحسن خلقك”

 

ويحذر صلى الله عليه وسلم من نتائج سوء التربية، وقبيح الأخلاق والصفات، فعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إياكم وخضراء الدمن” فقيل يا رسول الله وما خضراء الدمن ؟ قال “المرأة الحسناء في المنبت السوء” فكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى الجمال في كل شيء، في الخِلقة والخُلق والاسم والطبع والأفعال، وعن إعجابه صلى الله عليه وسلم بجمال المخلوقات في الكون، وحسه المرهف تقول السيدة عائشة رضى الله عنها ” كان يعجبه النظر إلى الأترج وهو شجر الليمون والنظر إلى الحمام الأحمر” ومن أقواله صلى الله عليه وسلم ” صوت الديك صلاة وضربه بجناحيه ركوعه وسجوده ” ومن صور الجمال أيضا أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يحث النساء على التجمل لأزواجهن ولذلك كان يبغض المرأة السلتاء المرهاء.

 

أي التي لا تختضب ولا تكتحل، وكان في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها بعد إنتقال نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى من أدوات تجميل ووسائل المعيشة سوى القليل، ولكنه البسيط الجميل، ومن صور الجمال، فقد كان من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم أن تصفف له السيدة عائشة رضي الله عنها شعره، أو تضع له الكمادات على عينيه من مسحوق حجر الإثمد، وكان يكثر من تسريح لحيته، وعندما رأى أصحابه بعضا من الشيب في رأسه، قالوا يا رسول الله قد شبت فقال صلي الله عليه وسلم شيبتني هود وأخواتها ” رواه البزار، وتروي السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له شكّة يتطيب منها أي زجاجة عطر خاصة به وكان يختتم في يمينه ثم حوّله في يساره وكان خاتما من الفضة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock