
الحمد لله الأحد الصمد له النعم التي لا تعد والآلاءُ التي لا تحد يغفر الذنب ويستر العيب ويعفو عن السيئات وهو الرحيم الغفور، وأشهد ألا إله إلا هو وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد اعلموا أن من وسائل تقوي الله تعالي هو محاسبة النفس، حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا” فمحاسبة النفس من أعظم وسائل تحقيق التقوى حيث يقف الإنسان مع نفسه بين الحين والآخر ليرى أين هو من طاعة الله تعالي، وكما أن من الوسائل لتقوي الله تعالي صحبة الصالحين، فإن الصحبة الصالحة تعين على الطاعة وتذكر بالله، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم ” المرء على دين خليله، فلينظرأحدكم من يخالل ” رواه الترمذي، وكما أن من الوسائل لتقوي الله تعالي الإبتعاد عن مواطن الفتن.
فالفتن قد تفسد التقوى لذلك يجب على المسلم أن يبتعد عن كل ما يفسد دينه، ويضعف إيمانه، واعلموا أن من الحقوق الإسلامية هو حق تسوية الطريق والمقصود بذلك هو تعبيد الطريق وتسهيله وجعل السير عليه نعمة وليس نقمة، متعة وليس عذابا، وقد عرفت البشرية العديد من الوسائل التي تجعل الطريق سهلا، وممتعا، ومفيدا، ولا يمكن أن نعمر منطقة من دون طرق معبدة، وقد رأيت في بعض البلاد أن الدولة تبدأ بإعداد المرافق كالطريق والماء والكهرباء، ثم يذهب الناس بعد ذلك للبناء، وغذا كان العمل واجبا شرعا، فإن كل ما يساعد على العمل يصبح واجبا شرعا كذلك لأن كل ما يؤدي إلى الواجب فهو واجب طبقا للقاعدة الفقهية المقررة، ومن ثم يجب على ولاة الأمور تسوية الطريق، وهنا أذكر الناس بما روي عن عمر أنه قال لو أن عناقا أي عنزة صغيرة.
عثرت في أرض العراق، لوجدتني مسؤولا عنها يوم القيامة لما لم تسوي لها الطريق، يا عمر؟ وإذا كانت مسؤولية ولي الأمر أن يسوي الطريق، فإن مسؤولية الناس هي المحافظة عليه، ومن تسوية الطريق هو إمداده بأعمدة الإنارة اللازمة، وإمداده بالعلامات الإرشادية التي ترشد من يستخدمون الطريق إلى اتجاه الطريق، والسرعة المقررة، وأماكن عبور المشاة، وغير ذلك، ومن حقوق الطريق هو حق صيانة الطريق حيث أن الطريق كأي شيء يحتاج إلى صيانة وتعهد بالنظر فيه كي نصلح ما تكسر منه، أو تهدم، ويسمي المختصون هذه العملية برفع كفاءة الطريق لتسهيل المرور عليه، وقد رأيت في بعض البلاد أنهم عندما يريدون صيانة الطريق، فإنهم يصنعون طريقا آخر قريبا من الطريق الذي سيصلحونه كي يستخدمه الناس لحين الإنتهاء من إصلاح الطريق الأصلي.
وصيانة الطريق لا تقل أهمية عن تسوية الطريق إذ إن ترك الطريق بغير صيانة يؤدي إلى إهدار المال، وإلحاق الضرر بالآخرين، وكما أن من حقوق الطريق هو حق تجميل الطريق، فالإسلام دين يدعو إلى الجمال والتجميل، فالله جميل يحب الجمال ومن الجمال الذي نشير إليه هنا هو جمال الطريق، وتجميل الطريق يكون بحسن تخطيط الطريق بحيث يخلو من المفاجآت، والمحافظة عليه نظيفا، وزراعة الجانب الأيمن والأيسر من الطريق بأشجار الورد والريحان والنخل إن أمكن، وإستخدام اللوحات الكهربائية، والدعوة إلى ذكر الله وتمجيده، وكتابة دعاء السفر، وأن يشتمل على إستراحات محترمة، وبخاصة في الطرق الطويلة ليستريح فيها الناس، ويستعيدوا نشاطهم، والعناية بعمال النظافة من النواحي كافة كي يكون مظهرهم حضاريا، وأن يتم تنظيف الشوارع والطرقات ليلا عندما تخف الحركة، وليس صباحا والناس متجهون إلى أعمالهم.



