تمّ تعيين الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي سفيرة للنوايا الحسنة للتعليم وثقافة الكتاب لدى اليونسكو.
وتُعَدّ هذه الخطوة تتويجاً لمسار حافل بالإنجازات في المجالات الثقافية والتربوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي يستحق التوقف عنده – وفيما يلي عرض موجز لأبرز ما يمثّله هذا التكريم، وما تمثّله صاحبتُه من دور محفّز في الثقافة والتعليمفي خطوة نوعية تَشْهدها مسيرة الثقافة والتعليم الإماراتيّة.
وفي سياق متصل، عبّر المستشار الدكتور خالد السلامي، رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة، عن خالص تهانيه إلى الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي بمناسبة تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة للتعليم وثقافة الكتاب من قِبل منظمة اليونسكو.
وأشاد السلامي بالدور الريادي الذي تقوم به سموها في دعم الثقافة والتعليم ونشر الوعي بأهمية القراءة والمعرفة، مؤكداً أن هذا التكريم الدولي المستحق يعكس المكانة المتقدمة التي وصلت إليها المرأة الإماراتية في مختلف المجالات.
وأضاف أن إنجازات الشيخة بدور تمثل مصدر إلهام للشباب وصناع المستقبل، وتجسد رؤية الإمارات في بناء مجتمع قائم على العلم والابتكار والإنسانية.
المنشأ والتكوين
وُلدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي في عام 1978 بالإمارةِ الشركسيّةِ الشارقة، ضمن أسرة الحاكم (وهو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي).
اكتسبت تعليماً رفيع المستوى؛ إذ حصلت على شهادة البكالوريوس (مع مرتبة الشرف) من جامعة كامبريدج، ثم ماجستير في الأنثروبولوجيا الطبية من جامعة كُلِج لندن.
هذا المزيج بين الأصالة والعلم يوفّر خلفية صلبة لدورها في المجالات الثقافية والتعليمية؛ فهي، في رأيي، تجسيدٌ لإنصاف التعليم والثقافة من مواجهة التحديات المستقبلية وليس فقط اليوم.
المسار المهني والثقافي
على الرغم من صغر السن نسبياً، فإنّ الشيخة بدور تضطلع بأدوار قيادية عديدة؛ منها:
أ. تعيينها في يناير 2023 رئيسة مجلس الأمناء ورئيـسة الجامعة الأميركية في الشارقة (AUS)؛ وهو منصب يعكس الثقة في قدرتها على موازنة التعليم العالي مع متطلبات الابتكار والاقتصاد المحلي.
ب. مشاركتها في تأسيس ودعم قطاع النشر في الإمارات والعالم العربي، كما عبر تأسيسها لدار «كاليمات للنشر» ومبادرات لتعزيز الوصول إلى المعرفة، بما في ذلك الأطفال والمناطق المحرومة.
ج. نشاطها الدولي، كأن تكون أول امرأة عربية ترأس International Publishers Association (IPA) بين عامي 2021-2022، وهو إنجاز يُسلّط الضوء على حضور عربي-إماراتي في فضاء النشر العالمي.
د. دورها في ترسيخ موقع الشارقة كمركز ثقافي وعلمي، بينها مشاركتها كممثلة عن ترشيح “فَيَا باليولاندسكيب” لإدراجه ضمن مواقع التراث العالمي لـ اليونسكو.
أهميّة التكريم وتداعياته
إنّ قرار اليونسكو بتعيين الشيخة بدور كسفيرة للنوايا الحسنة للتعليم وثقافة الكتاب يحمل دلالات عدّة:
• أولاً، هو اعتراف دولي بأن الإمارات ليست مجرد مستهلكة للثقافة والمعرفة، بل منتجة لها، وقادرة على تصدير نموذج يُحتذى به.
• ثانياً، يأتي التكريم في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات معرفية: ضعف ثقافة القراءة، الحاجات التعليمية المتزايدة، والتحول الرقمي في النشر. وهو ما يجعل وجود سفيرة مُعنيّة بالكتاب والتعليم بمثابة رسالة توجه للكثيرين.
• ثالثاً، ينفتح بذلك أفقٌ جديدٌ لتعزيز المبادرات المحلية والدولية، من النشر إلى البحوث إلى التعاون بين المؤسسات التعليمية والثقافية، وقد تشهده دولة الإمارات من خلال الشارقة تحديداً.
الجوانب التي تستحق التبصّر
• ينبغي ملاحظة كيف نجحت الشيخة بدور في الجمع بين الثقافة والتراث من جهة، والابتكار والتعليم من جهة ثانية. هذا الجمع ليس سهلاً لكنه حاسم في عصر التضخّم المعلوماتي.
• كذلك، فإنّ منصبها كسفيرة للنوايا الحسنة قد يمنح الزخم لمزيد من الحوافز لدعم القراءة والوصول إلى الكتاب داخل الإمارات وخارجها، خصوصاً بين الناشئة والفئات التي تواجه قيوداً في الوصول.
• من المهم أيضاً التأكيد أن النقل من المستوى الرمزي إلى التنفيذ العملي حاسم: تكريمٌ كهذا يبقى بلا قيمة ما لم تُترجَم المبادرات إلى برامج ملموسة، شراكات، محتوى، ومخرجات.
• أخيراً، في رؤيتي، هذه الخطوة تلقي الضوء أيضاً على ضرورة تكامل السياسات: الثقافة والتعليم لا يعملان في فراغ؛ فالنشر، الجامعات، الأبحاث، تراكم المعرفة، كلها أجزاء تحتاج أن تغذّي بعضها البعض.
إنّ تعيين الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي كسفيرة لنوايا حسنة في التعليم وثقافة الكتاب من قبل اليونسكو ليس مجرد تكريمًـا فردياً، إنّما إنجازٌ تشارك فيه دولة الإمارات والمنطقة، ويُفتتح فيه فصلٌ جديد ربما في محاربة الأمّية المعرفية، وتعزيز القراءة، وتمكين الصناعة الثقافية. وما كان ليحصل هذا لولا وجود قائدة تؤمن أنّ الكتاب ليس رفاً يلمع، بل بوابةٌ تُفتح للعوالم. والمستقبل، في رأيي، يحمل لهؤلاء الذين يقرؤون، قارئين ومؤلفين ومُوزّعين، دوراً أكبر مما نعطيه اليوم