
كتب الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
استطاعت النجمة الكبيرة سيمون أن تخطف الأضواء وتفرض اسمها بقوة على الساحة الفنية، لتتصدر مؤشرات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي، مع انطلاق عرض أولى حلقات المسلسل الدرامي المثير “صيد العقارب”،وسط موجة واسعة من التعليقات والإشادات التي أثنت على أدائها المتميز وحضورها الطاغي على الشاشة. فقد قدمت سيمون في هذا العمل شخصية “سميحة”، الأم المكافحة التي تحمل بين جنباتها قلبًا يغلي بالحب والخوف على أولادها، لكنها في الوقت نفسه تمتلك صلابة وشراسة تدفعها للدفاع عنهم بكل ما أوتيت من قوة، حتى لو اضطرها الأمر لاستخدام أساليب قد يراها البعض قاسية أو مثيرة للجدل.
منذ المشاهد الأولى، انقسمت آراء الجمهور حول شخصية “سميحة”، فهناك من رأى فيها ملامح الشر والخيانة، معتبرين أنها شخصية انتهازية تبحث عن مصلحتها فقط، بينما اعتبر آخرون أن وراء هذه القسوة أسرارًا دفينة لم تُكشف بعد. ومع تصاعد الأحداث وتوالي الحلقات، بدأت الحقائق تتكشف واحدة تلو الأخرى، لتفك طلاسم وألغاز شخصية “سماسم”، ويكتشف المشاهدون أن ما بدا قسوةً في البداية لم يكن سوى درعًا واقيًا تحتمي به من قسوة الحياة، وأن أفعالها المثيرة للجدل كانت مدفوعة برغبة عارمة في حماية من تحب، حتى لو كان الثمن أن تُفهم خطأً أو تُحكم عليها بظلم.
براعة سيمون في تجسيد هذه الشخصية لم تأتِ من فراغ، فهي تمتلك ملامح وجه محايدة يمكنها أن تتحول ببراعة لتتناسب مع الموقف الدرامي، فتارة تمنح المشهد قسوة ونظرات حادة تخترق المشاهد، وتارة أخرى تكسو وجهها مسحة من الحزن والضعف تكسر القلوب، مما يجعل المشاهد يعيش حالة من التأرجح بين التعاطف والنفور، وبين الشك واليقين، في رحلة مشاعر متقلبة لا يقدر على قيادتها بهذا الإتقان إلا فنانة مخضرمة بحجم سيمون.
المسلسل نفسه يعتمد على حبكة مشوقة تدور في أجواء من الغموض والإثارة، ما يمنح مساحة واسعة لنجومه للتألق، إلا أن شخصية “سميحة” كما جسدتها سيمون تحولت إلى محور اهتمام خاص، إذ أصبحت حديث النقاد ورواد السوشيال ميديا، الذين أشادوا بقدرتها على إضفاء أبعاد إنسانية على دور يبدو للوهلة الأولى بسيطًا أو نمطيًا، لكن تحت يدها تحول إلى شخصية مركبة تموج بالمشاعر المتناقضة، وتستفز عقول المشاهدين وقلوبهم في آن واحد.
وبينما ينتظر الجمهور الحلقات القادمة لمعرفة كيف ستتطور شخصية “سميحة” وما إذا كانت ستظل على نفس الحدة أم ستكشف عن جانب أعمق وأكثر رحمة، يبقى المؤكد أن سيمون استطاعت بذكاء وخبرة أن تضع بصمة قوية في بداية هذا العمل، وأن تثبت مجددًا أنها فنانة قادرة على مفاجأة جمهورها في كل ظهور، لتظل واحدة من أهم أيقونات الدراما العربية، واسمًا محفورًا في ذاكرة المشاهدين مهما تغيرت الأدوار والسنوات.



