عربي وعالمي

جبل عامر ذهب السودان الذي اشعل نيران الصراع

كتب/ أيمن بحر

خلال الحرب فى السودان يزداد اهتمام المحللين بتتبع خيوط الثروات باعتبارها المحرك الخفى للصراع الحقيقى حيث تتقاطع مصالح الدول ونفوذ المليشيات وفى السودان تجمعت كل العوامل التى تجعل الثروة وقودا دائما للحروب

السودان دولة تعيش حالة من عدم الاستقرار وفوضى ممتدة مع غياب قوة وطنية قادرة على فرض السيطرة وحماية مقدرات الدولة والشعب
يمتلك السودان موقعا استراتيجيا بالغا الاهمية عند مدخل العمق الافريقى وعلى خطوط تجارة البحر الاحمر
تزخر اراضيه بثروات هائلة من الذهب والنفط والمعادن
وفى قلب الصراع الحالي يبرز جبل عامر كواحد من اهم مناطق انتاج الذهب فى السودان حيث يقع فى ولاية شمال دارفور وكان على مدار سنوات طويلة مصدرا رئيسيا للثروة ومسرحا دائما للصراع
بدأت ملامح الاحتياطى الحقيقي للذهب فى جبل عامر بالظهور عام 2012 حيث تبين ان المنطقة تحتوى على مكامن سطحية عالية التركيز يسهل استخراجها بوسائل تقليدية دون الحاجة الى استثمارات ضخمة او تقنيات معقدة وهو ما فتح الباب واسعا امام المليشيات والمرتزقة للسيطرة على الذهب وبيعه لصالح من يدفع
وخلال فترة قصيرة استحوذت شركة الجنيد التابعة لعائلة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي على ادارة المناجم لفترة طويلة ليصبح الذهب العمود الفقرى لقوة الدعم السريع المالية والسياسية ومن هنا تشكلت شبكة تحالفات خارجية في مقدمتها الارتباط الوثيق مع الامارات
وتعد الامارات من اكبر مراكز تجارة الذهب فى العالم رغم عدم امتلاكها لمناجم محلية وهو ما يطرح تساؤلات حول مصادر هذا الذهب ومساراته
وقد وصلت تقديرات انتاج جبل عامر السنوى الى نحو خمسين طنا من الذهب ليصبح واحدا من اكبر مناجم الذهب فى افريقيا
وفى بلد بحجم السودان وتعقيداته السياسية والاجتماعية تحولت ثروة جبل عامر الى ساحة لصراعات دامية بين القبائل والمليشيات للسيطرة على المورد ما ادى الى موجات نزوح واسعة واستمرار دوامة العنف الداخلى بهدف احكام السيطرة على الذهب وباقي الموارد وصولا الى التحكم الكامل فى الدولة لتسهيل نهبها لسنوات طويلة
ويذهب مراقبون الى ان تفكيك الدولة وتوسيع مناطق النفوذ كان من بين العوامل التى غذت الاضطرابات الكبرى وساهمت فى الوصول الى المشهد الحالى
ورغم ضخامة الانتاج فان جزءا محدودا فقط من ذهب جبل عامر كان يدخل الخزانة الرسمية للدولة قبل اندلاع الحرب الحالية بينما كانت ولا تزال كميات هائلة من الذهب تهرب الى الخارج عبر شبكات غير رسمية تقودها مليشيات الدعم السريع وهو ما حرم الاقتصاد السودانى من مليارات الدولارات وعزز نفوذ المرتزقة وتجار الذهب المرتبطين بهذه المليشيات
ويبقى السؤال مفتوحا حول الطريق الذى يمكن ان يسلكه الشعب السودانى لاستعادة حقه فى ثرواته المنهوبة وبناء دولة قادرة على حماية مواردها لصالح مواطنيها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock