الحمد لله حمدا كثيرا طيبا يكافئ نعمه، ويوازي مزيده، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة مهداة للعالمين كافة، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغرّ الميامين إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن المجادلة وعن الجدال، فيقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك الجدال ولا كان محقا ” وببيت في وسط الجنة ” أي أحسن من البيت الأول، وأفضل وأعلى درجة، فإنه في وسط الجنة، وببيت في وسط الجنة ” لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ” فالكذب لا يجوز، إلا في حالات الحرب، فالحرب خدعة، أو خدعة، كيف تكون صادقا مع عدوك فتخبره بما عندك من أسرار؟ مصيبة هذه، هذا لا يكون، أما الكذب الذي يكون بين المسلمين، فهذا لا ينبغي أن يكون، حتى ولو كان في حال المزاح.
وبعض الناس إذا أراد أن يضحك من حوله من أصحابه أو أحبابه، أو يمسك بلاقط أمام مؤسسة تجمع له أفرادها في المدرسة أو الجامعة، أو عبر الفضائيات، فيكذب ليضحك الناس، ” وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا” فالإيمان يتجزأ، لأن الإيمان بضع وسبعون شعبة، لو جئت بشعبة واحدة فأنت مؤمن، أعلاها قول لا إله إلا الله، إذا قلتها دخلت في الإيمان، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، أقل شيء في الأعمال، أعمال الإيمان، إذا لا يخرج من الإيمان، لكن لا يؤمن الإيمان كله، من كذب في مزاحه، إذا نقص إيمانه، وكذلك من يماري ويجادل وإن كان صادقا، والكذب من الكبائر وهو من شر الصفات التي يجب على المسلم أن يتجنبها، وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب فقال ” وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلي الفجور ” وما يزال الرجل ”
يكذب ويتحري الكذب حتي يكتب عند الله كذابا ” وذكرت المصادر الإسلاميه أن المزاح الخالي عن الكذب مباح، تمزح مع صديقك بدون كذب، وبدون إثارة لما في النفوس من غضب وما شابه ذلك، فهذا لا مانع منه شرعا، بل فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فالمزاح الممنوع هو الذي يثير الحفائظ والضغائن والأحقاد، والمزاح الممنوع إذا زاد عن حده، والمزاح الممنوع إذا كان كذبا، أما المزاح الخالي عن الكذب فلا مانع منه شرعا، فقد كان صلى الله عليه وسلم يداعبهم أي أصحابه ويمازحهم، وهذه يفعلها كبار السن مع الأطفال الصغار يمازحونهم، وأما البيوت والمنازل والقصور التي في أعلى الجنة نسأل الله أن يسكننا إياها جميعا، اللهم آمين فهي من حظ من حسّنوا أخلاقهم في الدنيا، وحسن الخلق الذي يكاد يكون مفقودا في هذه الأمة هذا الزمان، إلا عند من رحم الله.
تحسين الأخلاق فالنبي صلى الله عليه وسلم ضامن ” ببيت في أعلي الجنة لمن حسن خلقه ” وقال الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ” وإنك لعلي خلق عظيم ” هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه خلقه القرآن، ومع غيره يتمم هذا الأمر، وحسن الخلق من أفضل الأعمال، وقد قرن الخلق الحسن مع صلاح ذات البين بين الناس، صلاح ذات البين أجرها عظيم، وهذا عمل متعد نفعه إلى الآخرين، أن تصلح، وكذلك قرن حسن الخلق بعمل بينك وبين الله الصلاة، وبحسن الخلق يا عبد الله تدركون درجات العبُاد، ودرجات الزهاد، ودرجات من يقومون الليل ويصومون النهار، وبحسن الخلق تدركونهم، ربما أنت لا تدركهم بالصلاة والعبادة، لكن إذا حسّنت خلقك تدركهم، وهذا هو المسلم المسدد الذي يبحث عما يرضي الله تعالي على هدي النبي صلى الله عليه وسلم يسدد ويقارب.
هذا المسلم بأخلاقه يدرك درجة الصوّام، ليس صائمين رمضان فقط بل الذين يصومون تطوعات كثيرة، كذلك يدرك ثواب قوّام لآيات الله، يقف أحدهم فيصلي بالليل فيقرأ في الركعة الواحدة خمسين آية، في الركعة الواحدة مائة، في الركعة الواحدة أكثر، هذا يدركه بحسن خلقه، وبكرم ضريبته، ضريبته أي طبيعته وسجيّته، هكذا خُلق على هذا الأمر، وحسن خلقه.


