
هناك لحظات في الحياة الفنية لا تشبه سواها، لحظات تتجاوز كونها حدثًا عابرًا أو بروتوكولًا احتفاليًا لتتحول إلى مشهد إنساني عميق محفور في الذاكرة الجمعية.
ومن بين تلك اللحظات، برزت ليلة تكريم الفنانة سيمون في مهرجان بردية للسينما، دورة الكاتب الكبير الراحل وحيد حامد، كواحدة من أصدق وأهم المحطات التي جمعت بين الفن والإنسانية، بين الدموع والتصفيق، بين الأوبريت والذاكرة، وبين التكريم الفردي والاحتفاء الجماعي. لقد كانت ليلة تكريمها أكثر من مجرد حفل رسمي؛ كانت شهادة وفاء واحتضان، وتأكيد أن الفن الصادق لا يشيخ مهما طال به العمر.
منذ أن اعتلت المسرح، بدت سيمون وكأنها تعيد كتابة تاريخها الفني بلغة العيون المبللة بالدموع والابتسامات الممزوجة بالفخر، وحينما عُرض أوبريت غزة، لم تستطع أن تُخفي انفعالها الإنساني، فانفجرت دموعها في لحظة صدق نادرة، لتعلن للجميع أن الفنان مهما كبر أو ابتعد، يظل إنسانًا أولًا قبل أن يكون نجمًا. وعلى مقعدها، كانت بجوارها الفنانة الكبيرة عفاف رشاد، والشاعر المبدع محمد بغدادي، في مشهد تداخل فيه الفن بالشعر بالإنسانية، مشهد جعل الجميع يصفقون أكثر مما ينتظرون التكريم، وكأن القاعة بأكملها تحولت إلى قلب واحد ينبض بالحب والتقدير.
إن تكريم سيمون في بردية لم يكن مجرد إقرار بمسيرة طويلة، بل كان إعادة اكتشاف لحضورها المختلف، فقد تميزت على مدار رحلتها بأنها فنانة خرجت من دائرة الضجيج، لتظل قريبة من القلوب بصدقها وبساطتها، واستطاعت أن تثبت أن النجومية ليست في عدد الأعمال ولا في حجم الصخب الإعلامي، بل في البقاء حيًا في وجدان الناس مهما غاب الزمن. وفي ليلة بردية، اجتمع الطبل والتصفيق والدموع ليؤكدوا أن الفنانة التي منحت الناس البهجة في شبابها، ما زالت تمنحهم الدفء بصدقها وإنسانيتها.
لقد كان المشهد مدهشًا: مهرجان يحتفي بالسينما ويحمل اسم كاتب عظيم، نجمة تعود إلى الواجهة عبر تكريم صادق، أوبريت فلسطيني يذكّر الجميع بالهمّ العربي المشترك، دموع تُسقط الحواجز بين النجمة وجمهورها، وتصفيق يحول القاعة إلى عرس فني. مشهد كهذا لا يمكن قراءته بخفة، بل يحتاج إلى تحليل معمق، إلى أسئلة تُطرح بجرأة وإجابات تُسرد بصدق، لأن ما جرى في بردية هو أكثر من مجرد تكريم، هو درس في معنى الفن الحقيقي، وفي قدرة اللحظة الإنسانية أن تكون أقوى من أي بروتوكول.
س1: لماذا كان تكريم سيمون في مهرجان بردية حدثًا مختلفًا؟
لأنه لم يكن مجرد صعود على المسرح وتسلم درع أو شهادة تقدير، بل كان احتفالًا شاملًا بإنسانة وفنانة جمعت بين الغناء والتمثيل بروح صافية وبساطة نادرة، وما جعله مختلفًا أكثر هو أن التكريم جاء متزامنًا مع أوبريت “غزة” الذي فجّر دموعها أمام الجميع، فأصبح المشهد مزيجًا من الفن والصدق الإنساني، وهذا ما جعل الجمهور يرى أن سيمون لا تُكرّم كفنانة فقط، بل كإنسانة حملت هموم عصرها وقضايا أمتها.
س2: ما معنى أن يأتي التكريم في دورة تحمل اسم وحيد حامد؟
هذه المصادفة ليست عابرة، فوحيد حامد كتب بصدق وعمق عن المجتمع، وسيمون مثّلت وغنّت بنفس الصدق والشفافية، وبالتالي فإن اجتماع اسمها مع اسمه في لوحة واحدة يعني أن الدورة تحتفي بوجوه صنعت الوعي بوسائل مختلفة؛ هو بالكلمة وهي بالصوت والصورة، وهذا يضاعف رمزية اللحظة.
س3: هل دموع سيمون كانت ضعفًا أم قوة؟
دموعها لم تكن ضعفًا أبدًا، بل كانت انعكاسًا لقوة إنسانية حقيقية، لأن الفنان الذي يبكي أمام جمهوره يُثبت أنه ما زال يحمل قلبًا حيًا، وأنه لم يتخشب داخل أضواء الشهرة والجوائز، بل بقى على حاله صادقًا، وهذه هي القوة التي تجعل جمهورها يتمسك بها أكثر من أي تكريم رسمي.
س4: كيف انعكس حضور عفاف رشاد بجوارها على المشهد؟
وجود الفنانة الكبيرة عفاف رشاد بجوار سيمون أضفى على التكريم دفئًا خاصًا، لأن الفن ليس فرديًا بل شبكة من الروابط الإنسانية، وبكاءهما وتصفيقهما معًا كان أقوى من أي خطاب رسمي، فالمشهد بدا وكأنه حوار بين جيلين، أو بالأحرى اعتراف متبادل بأن الفن الذي يُعاش بصدق يظل خالدًا.
س5: ما دور الشاعر محمد بغدادي في تلك اللحظة؟
محمد بغدادي لم يكن مجرد ضيف، بل كان شاهدًا لغويًا على لحظة فنية، وجوده بجوار سيمون وعفاف رشاد جعل المشهد يتجاوز حدود التمثيل والغناء إلى رحاب الشعر والكلمة، وهو ما منح الاحتفالية طابعًا شاملًا، حيث اجتمع الصوت والصورة والكلمة في لوحة واحدة.
س6: ما الذي قصدته سيمون بقولها “صفقنا أكثر من التكريم”؟
كلمتها اختصرت الحقيقة كلها، فالتحية الحقيقية كانت في التصفيق المتواصل والمشاعر المتدفقة، بينما التكريم الرسمي كان مجرد رمز، وقد أرادت أن تقول إن الحب الذي تلقّته من الحضور كان أهم من الدرع، وأن تصفيق الناس كان جائزة أكبر من أي وسام.
س7: هل كان الأوبريت الفلسطيني مجرد فقرة فنية؟
أبدًا، بل كان محورًا وجدانيًا، لأنه حرّك مشاعر الفنانة وجعل دموعها تنهمر، وهو ما بيّن أن الفن لا ينفصل عن السياسة والوجدان، فالتكريم جاء بعد لحظة تعاطف إنساني مع غزة، وهذا التداخل جعل المهرجان أكثر صدقًا وأبعد عن الشكلية.
س8: كيف تقرأ رمزية الطبل في الحفل؟
الطبل لم يكن مجرد إيقاع بل كان إعلان فرح واحتفاء شعبي بسيمون، وكأنه صوت الناس الذي يقول لها: نحن معك، الطبل هنا رمز للبهجة وللذاكرة الشعبية، ومن خلاله شعر الجميع أن التكريم خرج من دائرة النخبة إلى مساحة تشبه الموالد الشعبية في حب فنانة أعطت بلا توقف.
س9: ما الذي يميز سيمون عن جيلها؟
سيمون تميزت بخفتها وصدقها، فهي لم تركض وراء الموجات التجارية الرخيصة، ولم تسعَ إلى الظهور المبالغ فيه، بل اعتمدت على موهبتها الصافية، وهذا ما جعلها مختلفة عن كثيرين من جيلها الذين خفت بريقهم بينما بقى حضورها حيًا في ذاكرة الجمهور.
س10: هل جاء التكريم متأخرًا؟
قد يقال إنه جاء متأخرًا، لكن التأخر هنا لا ينفي قيمته، بل يجعله أكثر رسوخًا لأن سيمون وصلت إلى لحظة التكريم بعد أن اجتازت سنوات طويلة من العمل والصبر، فأصبح الاعتراف بها الآن أقوى لأنه قائم على اختبار الزمن.
س11: كيف ينظر جيل الشباب لتكريمها؟
الشباب سيرى في تكريمها درسًا مهمًا: أن النجومية لا تُقاس فقط بالترند ولا بعدد المتابعين على السوشيال ميديا، بل تُقاس بالقدرة على البقاء في قلوب الناس لسنوات طويلة، وتكريم سيمون هو دعوة للشباب كي يسيروا وراء الموهبة لا وراء الضوضاء.
س12: ما علاقة هذا التكريم بذاكرة السينما المصرية؟
التكريم يضيف لبنة جديدة لذاكرة السينما، لأنه يربط بين أصوات الماضي وحاضر الاحتفالية، سيمون هنا تمثل جزءًا من تراث جماعي لا يمكن أن يُمحى، وبالتالي تكريمها هو تكريم لذاكرة جيل بأكمله.
س13: كيف تحوّل الحفل إلى لوحة إنسانية؟
بفضل الدموع والتصفيق، لأن هذه العناصر ليست مكتوبة في سيناريو مسبق، بل خرجت بشكل عفوي، فالمشهد كله بدا كلوحة إنسانية حقيقية، فيها ممثلة تبكي، وفنانة أخرى تحتضنها، وشاعر يشاركها التصفيق، وجمهور يتفاعل، هذه العفوية هي ما منحت الحفل جماله.
س14: ما القيمة التي أضافتها الأستاذة عزة أبو اليزيد برئاستها للمهرجان؟
وجودها على رأس المهرجان أعطى ثقلًا تنظيميًا وفنيًا، لأنها لم تكتفِ بتقديم برنامج فني بل جعلت من الدورة مناسبة لتكريم الأحياء والراحلين معًا، وأثبتت أن الإدارة الواعية تعرف كيف تصنع حدثًا يحمل مشاعر وفكرًا في وقت واحد.
س15: هل سيمون بحاجة لمثل هذا الاعتراف الآن؟
بالتأكيد، لأن الفنان مثل أي إنسان يحتاج إلى أن يُشعره الوسط بالوفاء بعد سنوات من الجهد، وقد جاء هذا التكريم ليقول لها إن ما فعلته لم يذهب هباء، وإن الفن الذي قدمته ما زال حاضرًا.
س16: ما أثر هذه اللحظة على مسيرتها المستقبلية؟
قد تفتح لها أبوابًا جديدة سواء في الغناء أو المسرح أو الشاشة، وقد تمنحها دفعة معنوية تجعلها تعود بمشاريع أقوى، أو على الأقل تمنحها طمأنينة أنها أديت رسالتك بصدق وأن التاريخ أنصفك.
س17: كيف يمكن أن تُستثمر لحظة التكريم إعلاميًا؟
عبر إعادة عرض أعمالها، عبر نشر مقالات وكتب عن مسيرتها، وعبر استغلال منشورها الإنساني لتسليط الضوء على بعدها الإنساني وليس الفني فقط، لأن ذلك يجعلها أكثر قربًا من الناس.
س18: هل دموع الفنانين في التكريمات ضرورية؟
ليست ضرورية لكنها صادقة، وعندما تأتي بشكل تلقائي كما حدث مع سيمون، فإنها تتحول إلى علامة فارقة، لأن الجمهور يثق في الفنان الذي لا يخفي مشاعره.
س19: ماذا يمكن أن نتعلم من لحظة بكاء سيمون؟
نتعلم أن الفن ليس أقنعة بل وجوه حقيقية، وأن الفنان الناجح هو الذي يسمح لنفسه بأن يكون ضعيفًا أمام الناس لأنه يعلم أن ضعفه يزيده قوة في نظرهم.
س20: كيف يرتبط هذا المشهد بالذاكرة الجماعية؟
سيتذكره الناس كواحدة من اللحظات النادرة التي تلتقي فيها السياسة بالفن، والإنسانية بالتكريم، وسيبقى محفورًا في ذاكرة من حضر ومن تابع عبر الإعلام.
س21: هل كان الحفل احتفاءً بالفن فقط؟
لا، بل كان احتفاءً بالإنسان أيضًا، لأن الفن بدون إنسانية يصبح أجوف، وما حدث مع سيمون يؤكد أن الفن الحقيقي هو الذي يعانق الحياة والوجدان.
س22: كيف يمكن أن نصف علاقتها بجمهورها بعد هذا الحفل؟
يمكن وصفها بالعلاقة المتجددة، لأن الجمهور شعر أنه شاركها دمعتها وتصفيقها، وهذا يقرب المسافة أكثر من أي أغنية أو فيلم.
س23: ما دلالة تصفيقها أكثر من مرة؟
تصفيقها المتكرر كان تعبيرًا عن امتننانها للحظة وعن تضامنها مع القضية الفلسطينية، وعن تقديرها لكل من وقف بجوارها، وكأنها أرادت أن تقول: لستُ وحدي هنا، أنا معكم وأنتم معي.
س24: هل يمكن أن تتكرر مثل هذه اللحظة لفنان آخر؟
قد تتكرر، لكن خصوصية سيمون تكمن في طبيعتها البسيطة وصوتها الصادق، لذا فإن إعادة إنتاج نفس المشهد لفنان آخر ليس بالأمر السهل، لأنه يحتاج إلى شخصية تلقائية مثيلة.
س25: ما الرسالة الأكبر التي خرج بها الجمهور من هذا الحفل؟
الرسالة أن الفن حين يرتبط بالصدق يظل خالدًا، وأن الفنان الذي يحافظ على قلبه حيًا سيظل دائمًا قريبًا من جمهوره.
س26: هل تكريمها اعتراف بماضٍ أم دعوة لمستقبل؟
هو الاثنين معًا، فهو اعتراف بماضٍ غني ودعوة لأن تستمر في الحاضر والمستقبل بنفس الروح.
س27: كيف يختلف هذا التكريم عن غيره من التكريمات؟
يختلف لأنه لم يُصنع ببرود بروتوكولي، بل صنعته مشاعر حقيقية، دموع وتصفيق وطبل وأوبريت، أي أنه كان حفلًا متعدد الأصوات والمعاني.
س28: ما دور النقاد الآن بعد هذا التكريم؟
دورهم أن يعيدوا قراءة مسيرتها، أن يحلّلوا أعمالها ويضعوها في سياق فني وتاريخي، وأن يكتبوا عن قيمتها كممثلة ومطربة أثرت في ثقافة جيل.
س29: ماذا تقول هذه اللحظة عن قيمة المهرجانات؟
تقول إن المهرجانات ليست فقط لعروض الأفلام بل هي منصات للاحتفاء بالذاكرة، منصات لصناعة لحظات إنسانية خالدة، منصات للتواصل بين الأجيال.
س30: ما الكلمة الأخيرة التي يمكن أن نكتبها عن سيمون بعد هذا الحفل؟
الكلمة الأخيرة هي أنها أثبتت أن الفن حين يُقدَّم بصدق يظل حيًا مهما طال الزمن، وأن دمعتها في بردية ستبقى علامة على أن الفن لا يعيش في الجوائز وحدها، بل يعيش في القلوب.
أهم 5دروس من تكريم سيمون في مهرجان بردية للسينما
1- الصدق أقوى من البروتوكول: فدموع سيمون أمام أوبريت غزة أثبتت أن اللحظة الإنسانية أعمق من أي درع أو شهادة.
2- الفن لا ينفصل عن قضايا الأمة: فمشهد التضامن مع غزة وسط التكريم برهن أن الفنان الحقيقي يعيش قضايا عصره ولا ينعزل عنها.
3- التكريم ليس للفرد وحده بل لجيل كامل: وجود عفاف رشاد ومحمد بغدادي بجوار سيمون جعل المشهد لوحة جماعية لا تنسى.
4- المهرجانات ليست مجرد عروض أفلام: بل منصات للذاكرة والوفاء وإعادة الاعتراف برموز تركت أثرًا باقٍ في وجدان الجمهور.
5- الفنان الحقيقي لا يشيخ في قلوب الناس: وسيمون اليوم خير دليل على أن الفن الصادق يظل حيًا مهما تغيرت الأجيال أو تبدلت الموضات.