
في ظلِّ ما يشهده الوطن من حراكٍ تنموي غير مسبوق، تتجلّى ملامحُ الجمهورية الجديدة بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أطلق مبادراتٍ إنسانية وتنموية وضعت المواطن في صدارة الاهتمام، وكرّست مفهوم الدولة الراعية لا الفرد المُنقذ. ومن هنا يبرز التحوّل الطبيعي في دور النائب البرلماني، الذي لم يعد مجرد صاحب خدمات فردية، بل شريك في بناء الوعي وترسيخ مفهوم المشاركة والمسؤولية الجماعية.
لقد كانت صورة النائب الخدمي — في عصورٍ سابقة — ترتكز على تلبية الاحتياجات اليومية للمواطنين: وظيفة هنا، أو طلب علاج هناك، أو تسهيل إجراء في مصلحة حكومية. كانت هذه الصورة انعكاسًا لمرحلة كانت فيها مؤسسات الدولة مثقلة بالأعباء، وكان النائب فيها صلة الوصل بين المواطن والسلطة. أما اليوم، فقد تغيّر المشهد.
فمبادرات الرئيس السيسي — من حياة كريمة إلى 100 مليون صحة، ومن مبادرة تطوير الريف المصري إلى تكافل وكرامة — أعادت توزيع الأدوار بين الدولة وممثلي الشعب. أصبحت الدولة حاضرة في كل قرية ونجع ومدينة، تمدّ يدها لكل محتاج، وتفتح نوافذ الأمل لكل شاب وطموح. وبذلك، تقلّصت الحاجة إلى النائب الذي يقتصر دوره على المعاملات الفردية، لتحلّ مكانها مسؤولية أعمق وأسمى: دعم الدولة في تنفيذ الرؤية، ومراقبة الأداء، والتعبير عن صوت الناس بوعي ومسؤولية.
إنّ النائب في عهد المبادرات الرئاسية هو المشرّع الواعي، والمثقف القومي، والمساند للمؤسسات في أداء رسالتها، لا الباحث عن أدوار بطولية على حساب هيبة الدولة أو كرامة المواطن. فاليوم، الدولة تَسمع الجميع، وتصل إلى الجميع، وتعمل من أجل الجميع.
وما أحوجنا في هذه المرحلة إلى أن يدرك كل نائب أنّ خدمته الحقيقية للوطن ليست في إنجاز معاملةٍ أو مجاملةٍ عابرة، بل في المشاركة الفاعلة في صناعة الوعي الوطني، ومتابعة تنفيذ خطط التنمية، وحماية مكتسبات الجمهورية الجديدة.
لقد تجاوزت مصر مرحلة الاعتماد على الأشخاص، ودخلت عصر المؤسسية والتكامل، حيث يعمل الجميع تحت راية واحدة: راية الدولة المصرية الحديثة، التي يقودها رئيسٌ جعل من حب الوطن مشروع حياة.
وفي ظل هذا التحوّل التاريخي، يصبح تقليص الدور التقليدي للنائب الخدمي ليس انتقاصًا من قيمته، بل ارتقاءً بمكانته، وتأكيدًا على أنّ الخدمة الحقيقية اليوم هي خدمة الفكر، وال
ضمير، والإنسان.



