
يروى أن مديرًا كبيرًا فقد ابنه فتسابق الموظفون إلى العزاء وازدحمت القاعة بالوجوه والكلمات وبعد فترة قصيرة مات المدير نفسه فلم يذهب أحد الكل كان مشغولًا بالتهنئة للمدير الجديد
قد تبدو القصة عابرة لكنها في الحقيقة مرآة تعكس واقعًا مأزوما في كثير من بيئات العمل حيث يصبح الولاء للكرسي لا للإنسان.
الكرسي بطل وهمي
في مؤسسات تُقدّس المناصب يتحول الكرسي إلى بطل أسطوري يفرض على الناس احترامه وخضوعهم حتى لو كان فارغًا. أما الشخص الجالس عليه فلا قيمة له إلا بقدر ما يمنحه المنصب من سلطة ونفوذ.
هنا تُهمل إنسانية القائد وتُختزل قيمته في ورقة قرار أو توقيع يحمل وزنه فقط لأنه صادر من “موقع القوة”.
مشاعر للبيع
المشاعر في بيئات كهذه لا تعود صافية العزاء يصبح واجبًا بروتوكوليًا لا أكثر والتهاني تتحول إلى إستثمار في علاقات مستقبلية الناس لا تفرح بك بقدر ما تفرح بموقعك ولا تحزن لفقدك بقدر ما تخشى اهتزاز سلطتك
إنها “مشاعر للبيع” تُدفع بالمنصب وتُسحب بسحبه.
الحقيقة القاسية
النفوذ القائم على الكرسي هشّ كزجاج ما إن يغادر الإنسان منصبه حتى تسقط الأقنعة وتذبل الإبتسامات من كان بالأمس يحييك بإحترام مبالغ فيه قد لا يلتفت إليك اليوم وأنت خارج دائرة القرار
هذه هي الحقيقة القاسية بعض الناس لا يحبونك لشخصك وإنما يحبون الكرسي الذي تجلس عليه.
القادة الحقيقيون لا يموتون
المجد الحقيقي لا يُبنى بالمنصب بل بالعدل والإنصاف والقدرة على ترك أثر باقٍ في نفوس الناس القادة الحقيقيون لا تُخلّدهم مكاتبهم بل يُخلّدهم أثرهم الإنساني يُذكرون بالخير في غيابهم ويُفتقدون إذا رحلوا وتُبكى خسارتهم لا خسارة كراسيهم.
رسالة إلى كل مسؤول
إلى كل من يجلس على كرسي اليوم:
إذا أردت أن تُذكر بخير بعد أن تغادر فلا تبنِ مجدك على المنصب وحده ابنِ رصيدًا من الاحترام الإنساني وازرع العدل في قلوب من حولك وامنح الناس شعورًا بالكرامة لا بالخوف
تذكّر دائمًا: الكرسي متحرك لكن الأثر الإنساني باقٍ.