
بقلم: أشرف ماهر ضلع
في لحظة صادمة، حملت إلينا الأخبار نبأ وفاة مدير إدارة تعليمية، عقب مشادة لفظية مهينة مع نائب وزير التربية والتعليم، واقعة لم تكن مجرد خلاف إداري، بل كانت طعنة نجلاء في كرامة كل معلم، وكل مربي أفنى عمره في خدمة وطنه من على منابر العلم.
أيها السادة،
ليس الحديث اليوم عن شخص بعينه، بل عن قيمة، عن رمز، عن ذاك الذي كاد أن يكون نبيًا! المعلم الذي علّم الطبيب والمهندس والقاضي والوزير نفسه، كيف يقف اليوم في موضع الإهانة والازدراء، في زمن اختلت فيه المعايير، وساد فيه التغافل عن الكرامة والإنسانية؟
لقد كان الأجدر بالوزارة – التي يفترض بها أن تكون حاضنة للمعلمين، لا خصمًا عليهم – أن تحتضن أبناءها، أن تُعلي من شأنهم، لا أن تُمعن في إذلالهم علنًا أو خفية. فالمعلم ليس مجرد موظف، بل هو أداة بناء وركيزة حضارة، وأي أمة تهين معلميها إنما تكتب شهادة سقوطها بيدها.
رحيل هذا المدير ليس مجرد وفاة، بل صرخة مدوية في وجه كل مسؤول نسي أن الكلمة قد تقتل، وأن المنصب لا يخلع عن صاحبه واجب الاحترام والرحمة. لقد مات الرجل مكلومًا، مكسور النفس، وترك خلفه سؤالًا مريرًا:
“ما الذي تبقى من كرامة المعلم؟”
إننا لا نطلب أكثر من الحق: أن يُكرّم المعلم، أن يُحترم، أن تُصان كرامته قبل أن يُطالَب بأداء رسالته. فكيف نُحمّله بناء الأجيال، ونحن نهدمه بالكلمات القاسية والقرارات العشوائية؟
إن ما حدث يستوجب اعتذارًا رسميًا، لا للمغفور له فقط، بل لكل من شعر بالإهانة في هذه المهنة الشريفة. ويجب أن تُعاد هيبة المعلم، لا شعارات في المؤتمرات، بل أفعال تُترجم في السياسات، في الإعلام، وفي قلوب المسؤولين.
المعلم ليس موظفًا عاديًا…
المعلم هو من يصنع الإنسان.
وإهانته ليست مجرد واقعة فردية… بل جريمة في حق الوطن.