مقالات وآراء

خلف قناع الرحمة

الأديبة والمفكرة الدكتورة جعدوني حكيمة نينارايسكيلا

من روايتي نبي الظلام

،؛، الإنجازات المتقنة تستلزم وقتا مديدا،

هذا إن لم تقتضي التضحية بكل العمر، وتشغل مناصب كبيرة، فهي مقبرة مرعبة تلقي بالذعر في النفوس، لكن حقيقتها الأم؛ هي الانتقال من الموت للحياة والتعرّف على الرحمة والخير ، عن قرب لا محدود.

إذا كانت فنون الاِستغلال؛ قائمة على إقناع أحد ما بالتضحية أو أنها ترى في انعتاقه، سذاجة وإهمال وضعف شخصية فإن الجزاء هنا؛ يسبق العمل، ومكتوب على لوح البداية قبل النهاية، وأيّ تعب خالص ذو نيّة مهما نهشته الأطماع، فإن تراب المقبرة؛ تعيده للقوة وتصنع من تركيبته مردودًا جديد، يفرز تفاصيله في كل بُعد وزمن ،؛،

وسواس من نصيب كل القبائل، الواحدة تلوى الأخرى؛ تتلقى نفس التحريض؛ بنفس التأييد.

نظرته منتقمة، نبرته مصطكة، عيونه جاحضة،…

دقّ ناقوس الإقتتال،

سفك الأرواح، تشيّع جثمان المنفى،

تطريز الموت، إندلاع الصراخ، رماح مخضّبة بالإختراق، ركام، تمزيق آخر الأنفاس، والناسك يربض على التربة ويرسم بها رموزًا ، يتمتم ويهمهم أثناء همس الجنّ المتضارب عنان الليالي الطوال.

دفعهم إلى اغتيال جميع القدّيسين وكل من اِعترض سبيل الجريمة، لتذبل أوراق منافسيه وتنضج ثماره وحدها.

ماتوا، اندثروا، أشرق الصباح على جذوعهم وأطرافهم الملقاة على طبق سعادة “إبليس”.

اللحظة اختفى أناس الإرشاد

والموعظة من كل القبائل وارتسم للجنّ طريق وحيد، يسلكونه نحو الرأس المدبّر؛ لكل مشاكلهم التي شرعوا يطلبون لها حلّ من عنده.

يطرقون بابه شمسًا بقمر، شهرًا بشهر، آخذين بنصائحه، مثبِّتٌ لتركيزهم على فخامة مواعظه، مساعدة بكيد، عون مشروط ودين سيردون أضعاف أضعافه؛ في وقت يدنو من ضربات قلوبهم؛ التي استحبت الشفاء على يده والولاء لمكانته.

قالوا له أنهم بحاجته؛ ليكون قائدهم الأعلى، يطلقون عليه اسم ‘العزيز’.

هدف شيطاني، طوى كل المسافة، التي قطعها إبليس نحو أرض الانتقام وبخّخ على قفس أنفاسه المتوقّدة ماء الترياق البارد، يتنفّس الإنتصار، يتراقص مناله أمام عيناه.

الصبر العتيق أعطى أكله، ثمار فائحة بالنجاح، تناقصت ضرباته وتعالى احتفال أفكاره، وهو ينتشي بهزيمة من أضاعوا طريق “الإله” وتقلّدوا التبعية إليه.

،؛، من خلف قناع الرحمة؛ يمارس عليهم أشدّ أصناف القسوة المرمزة.،؛،

“إبليس” يحبّ أن يكون كالماء في يوم الضمأ، في موسم الجفاف، حتى يستطيع التلاعب باحتياجات قومه كما يشاء،

بات يعلم جيدًا أنهم من دونه عميانا؛ لا مكرٍّ لهم ولا مفرٍّ، فشرع في إطعامهم ندرة الاختيار.

طبعًا؛ سيسلبهم ما قد سُلب منه منذ أن نزل إلى الأرض، إنّها الحريّة التي ما زال يتوق إليها حتى الآن.. ولم يستطع بعد؛ الشعور بها، رغم الوقت الهائل الذي قضاه خارج قضبان خطيئته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock