صحف وتقارير

دبلوماسية القاهرة تعود إلى الواجهة :مصر ترعى اتفاقًا تاريخيًا بين إيران ووكالة الطاقة الذرية

بقلم احمد شتيه باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى 

 

نجحت الدبلوماسية المصرية مؤخرًا في تحقيق اختراق مهم على الساحة الدولية، بعد رعايتها لاتفاق جديد بين إيران ووكالة الطاقة الذرية، يهدف إلى تهدئة التوترات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وفتح الباب أمام حلول دبلوماسية بعيدة عن التصعيد.

ويُعد هذا الاتفاق مؤشرًا على عودة القاهرة بقوة كلاعب إقليمي ودولي قادر على التوسط في القضايا المعقدة، بما يعكس ثقة الأطراف المختلفة في حياديتها ووزنها السياسي.

 

تدخلت مصر في لحظة حساسة من مسار العلاقات بين إيران والوكالة، إذ كانت المفاوضات مهددة بالانهيار وسط أجواء من الشكوك والضغوط المتبادلة، من خلال قنوات دبلوماسية هادئة واتصالات مباشرة مع الطرفين، نجحت القاهرة في تهيئة أرضية مشتركة تستند إلى المصالح المتبادلة، مع ضمانات لالتزام إيران بالشفافية في أنشطتها النووية، مقابل انفتاح الوكالة على آلية تعاون مرنة.

 

الاتفاق الذي رعته مصر لا يقتصر فقط على الجوانب الفنية الخاصة بالتفتيش والتقارير، بل يمتد ليحمل دلالات سياسية عميقة:

تهدئة إقليمية: يساهم في تخفيف التوترات بالشرق الأوسط ومنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة جديدة.

دور وساطة مصري: يعزز صورة القاهرة كوسيط موثوق قادر على جمع أطراف متباعدة.

رسالة للغرب والشرق: بأن مصر قادرة على لعب دور متوازن، يفتح قنوات للحوار بعيدًا عن الاستقطاب.

 

بفضل هذا الاتفاق، يمكن القول إن الأزمة بين إيران ووكالة الطاقة الذرية دخلت مرحلة جديدة أكثر إيجابية. فالتفاهمات التي تمت برعاية مصرية من شأنها أن تقلص من احتمالات التصعيد الدبلوماسي أو العقوبات الإضافية، وتمنح الأطراف فرصة حقيقية لإعادة بناء الثقة. كما أن الاتفاق يضع مصر في قلب الجهود الدولية الرامية لمنع الانتشار النووي مع الحفاظ على حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة.

 

لا شك أن هذا التحرك يسلط الضوء على قدرة الدبلوماسية المصرية على لعب دور محوري في الأزمات الدولية، بعد أن أثبتت نجاحها سابقًا في ملفات إقليمية مثل القضية الفلسطينية والأزمات الإفريقية.

 

إن نجاح القاهرة في رعاية هذا الاتفاق يعكس ما تملكه من أدوات تأثير قائمة على التوازن، والقدرة على مخاطبة جميع الأطراف بلغة المصالح المشتركة.

هذا الاتفاق يمثل خطوة نوعية في مسيرة السياسة الخارجية المصرية، ويؤكد أن مصر استعادت جزءًا كبيرًا من مكانتها كـ”عاصمة القرار العربي” وجسر للحوار بين الشرق والغرب.

 

وإذا استمرت القاهرة في توظيف هذا الدور، فإنها ستتحول إلى ركيزة أساسية في صياغة التوازنات الإقليمية والدولية، خصوصًا في الملفات الحساسة التي تمس الأمن والسلم العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock