فن وثقافة

دفتر المأذون من أسقط التاج؟؟ قصة قصيرة

كامل النحاس

الفصل الخامس ( النهاية ) من أسقط التاج؟
حين جلسنا على أنقاض الحكاية… لنعدّ الأيدي التي دفعت الرأس حتى انحنى
“كان الرجل في آخر أيامه يشبه ظلًا يمشي على الأرض… لا يملك إلا جسدًا أثقله المرض، وروحًا أثقلتها الخيبات.
وحين دخل الغرفة الهادئة في شقة ابنه، أغمض عينيه طويلًا… لم يكن يهرب من الناس، بل يهرب من السؤال الذي ظل يطارده كطيف لا يرحل: “من أسقط التاج…؟”
ذلك التاج الذي حمله عمرًا كاملًا، كانت له يدان ترفعه، وقلوب تسنده، وبيت يحميه… فلماذا سقط الآن بهذه القسوة؟
▪︎أول المسقطين… هو نفسه
▪︎كان الرجل أول من صدّق أن القلب يستطيع أن يقود سفينة العمر وحده. غلبه الهوى حين اختار الحب على الحكمة…
▪︎ وتسرع في قرار زواجٍ ظنّه ملاذًا، فضحّى باستقرار بيت بنته يداه عشرات السنين.
▪︎ كان يظن أنه أقوى من العاصفة،
لكنه نسي أن الطوفان لا يسأل: هل أنت عاشق؟ أم مكسور؟ أم تبحث عن بداية؟
▪︎ لقد حمل الرجل قلبه فوق رأسه… فثقل القلب أوقع التاج.
الزوجة الأولى…
غضب أطاح بالسقف
▪︎ كانت يومًا شريكة المجد، لكن نار الغيرة حين شبّت في صدرها لم تُبقِ على بيتٍ ولا جدار.
▪︎ تمسكت بالغضب حتى النهاية، رفضت كل صلح، كسرت كل جسر،
▪︎ وتعاملت مع سقوطه كمعركة انتصار لا نهاية زواج.
▪︎ وبدل أن تكون سندًا لسفينة تميل… كانت صخرة اصطدمت بها السفينة حتى غرقت.
الأبناء من الزوجة الأولى…
▪︎ أكتافٌ انحازت لا لتحمي… بل لتترك
▪︎ لم يكونوا قساة… لكنهم وقفوا في صف أم جريحة، وظنوا أن الأب قادر على النجاة وحده.
▪︎ تركوه يسقط خطوة بعد خطوة، لم يدركوا أن سقوط الأب لا يعني سقوطه وحده… بل سقوطهم جميعًا يومًا ما.
▪︎ كان يحتاج كلمة… نظرة… وقفة… لكنهم تركوا التاج يتدحرج من فوق رأسه… ولم ينحنِ أحد ليمسكه.
الزوجة الثانية…
حين خافت من العاصفة وهربت:
▪︎ كانت في بدايتها بلسمًا… تملأ أيامه سكينة، وتشعره أن العمر ما زال قادرًا على الإزهار.
▪︎ لكن حين تغيرت الريح، وحين هبّت العاصفة، تراجعت خطوة… ثم خطوتين… ثم غابت خلف باب بيتها، منشغلةٍ بأحفاد وصخب حياة لا يحتمل السقوط.
▪︎ لم تملك قسوة، لكنها لم تملك الشجاعة لتبقى. وهكذا… بقي الرجل في ساحة المعركة وحده.
أبناؤها… الذين رباهم كأبنائه:
▪︎كان يظنهم ظله… ويظن أنه حين يكبر سيجد أكتافهم تحميه.
▪︎ لكنهم كانوا أبناء رجل آخر… وحين احتاج إليهم، لم يجد إلا اعتذارات باردة، وسفرًا، ومشاغل، ووعودًا لا تأتي.
▪︎فكان خذلانهم رصاصة صامتة… أثقل من الدين، وأوجع من المرض.
وبين كل هؤلاء…
كان السوق قاسيًا، والدنيا أشد قسوة.
▪︎ لم ترحم العاصمة سقوطه، لم تحفظ تاريخًا، ولم تبكِ خسارته.
▪︎ السوق لا يلتفت لمن سقط…
▪︎ والناس لا تتذكر إلا من وقف.

وهكذا… اكتملت الدائرة التي أطبقت حوله، وأصبح التاج على رأسه أكثر هشاشة من أي وقت مضى
× النتيجة:
▪︎التاج سقط… لأن الجميع تركه يسقط
▪︎ لم يسقط التاج بيدٍ واحدة. ولا بظلمٍ واحد. ولا بخطأٍ واحد.
▪︎ سقط لأن الجميع شارك في سقوطه:
– الرجل بقراراته،
– والزوجة الأولى بغضبها، – والأبناء بصمتهم،
– والزوجة الثانية بانسحابها، – وأبناء الزوجة الثانية بجفائهم،
– والسوق بقسوته،
– والحياة بامتحاناتها.
▪︎ سقط التاج لأن البيت حين يتصدع… لا يسقط فردًا… بل يسقط الجميع.
× الدروس التي كتبها الرجل بدم قلبه:
▪︎ التاج لا يرفعه فرد… بل يرفعه الحب والرحمة والعقل.
▪︎ أخطر سقوط… هو سقوط الإنسان في داخله قبل أن يراه الناس.
▪︎ البيوت تنهار وتسفط لاحين يقل المال.. بل حين يفقد أهلها نعمة العفو.
▪︎الرحمة أقوى من القوة، والوفاء أبقى من الغضب.
▪︎ ومن أراد الحفاظ على ما بنى، فليحمه قبل أن تتحول قواعده إلى رماد.
× الخاتمة – حين يغيب الرجل… وتبقى القصة:
▪︎ غادر الرجل الدنيا وفي صدره حكاية لم يسمعها أحد كاملة…
▪︎ لكنه ترك لنا درسًا سيظل يلمع كالتاج نفسه:
– لا تجعل الهوى يقود العقل، – ولا تترك الغضب يهدم بيتًا،
– ولا تخذل من كان سندك يومًا،
– فالسقوط يبدأ بخطوة… – – لكن النجاة تبدأ بيدٍ تُمسكك قبل أن تنحني الهامة.
× هكذا انتهت الحكاية… ▪︎ وبقي التاج على الأرض شاهدًا على قصةٍ سقط فيها الجميع… قبل أن يسقط الرجل.
× تنويه ختامي من دفتر المأذون:
▪︎ دفتر المأذون ليس مجرد صفحات مكتوبة،
▪︎ بل سجلّ النفوس المتعبة، ومرآة للقلوب التي واجهت الحب والخيانة، الفرح والانكسار، القوة والخذلان. ▪︎ كل قصة شعاع نور لكل تائه في دروب الحياة، وطوق نجاة للذين يسيرون في عتمة التجارب،
▪︎ ليفهموا دروس الحياة، يحفظوا التيجان قبل أن تسقط، ويجدوا في كل فشل فرصة للنهوض، وفي كل ألم بصيص أمل يدفعهم نحو الطريق الصحيح.
× نصيحة الكاتب:
▪︎ اقرأ وتأمل،
▪︎ واستخلص الدروس،
▪︎ ولا تدع الفشل يحطم قلبك قبل أن يمنحك درسًا.
×دعوة القارئ:
▪︎ كن شاهدًا على التجارب، ▪︎شارك قصصك وخبراتك، ▪︎فحين نتشارك الحكايات تتسع دائرة الفائدة، ويصبح التاج الذي نحمله في حياتنا أثقل بالوعي والحكمة، وأخف بالحب والرحمة.
وتقبلوا تحياتى وأمانياتى الصادقة.
م.د.#كامل_النحاس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock