
الحمد لله خلق الخلق فأتقن وأحكم، وفضّل بني آدم على كثير ممن خلق وكرّم، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، يليق بجلاله الأعظم، وأشكره وأثني عليه على ما تفضل وأنعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأعز الأكرم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالشرع المطهر والدين الأقوم، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد يقول الله سبحانه وتعالى كما جاء في سورة الكهف ” قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا” وهذه الآية الكريمة تشير إلى الكفار والمشركين الذين ضلت أعمالهم الصالحة في ظاهرها، بسبب فساد الإعتقاد، كاليهود الذين كذبوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم والنصارى الذين كفروا بالآخرة، فهم يظنون أنهم يحسنون صنعا ويقومون بأعمال كالرهبانيات والعبادات.
لكنها تذهب هباء يوم القيامة لأن أساسها ليس التوحيد والإيمان الصحيح، وتختتم الآية وصفهم بأنهم “الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا” واعلموا أن الله عز وجل خلق من الماء كل شيء حي، وإن الله سبحانه وتعالى بقدرته وحكمته جعل حياة الأرض ومَن عليها بهذا الماء، إن إرتوت منه حيِيت، وإن فقدته ماتت، وكما يحيي الأرض بالماء فهو قادر على بعث المخلوقين، ولو كذب المكذبون، وعاند المعاندون، ولقد خلق الله عز وجل الإنسان، وسيره في الحياة، بداية ونهاية، وضعفا وقوة، ولمن دلائل قدرة الخالق سبحانه وتعالى، أن جعل للجنين في بطن أمه أطوارا ينمو فيها شيئا شيئا حتى يأذن بخروجه إلى الدنيا ضعيفا، ثم يقوى، ثم يضعف، حتى ينتهي، إنها لعبرة وإنها لدليل قدرة فتبارك الله أحسن الخالقين، وكما ذكرت المصادر الكثير عن سفينة نبي الله نوح علية السلام.
وهي سفينة صنعها نبى الله نوح عليه السلام لحماية المؤمنين والحيوانات وجميع الكائنات الحية، من الطوفان العظيم بعدما كثر شر الناس، وهى سفينة صنعها نبى الله نوح بوحي من الله عز وجل وقد أمره الله تعالى بأن يحمل في السفينة من كل نوع من أنواع الحيوانات زوجين، ويحمل فيها أهل بيته إلا من سبق عليهم القول ممن لم يؤمن بالله كأبنه وامرأته، ويحمل فيها من آمن معه من قومه، ليهلك جميع من تبقى من المفسدين من قومه الذين كذبوا رسالته بطوفان عظيم، والنبي نوح عليه السلام هو من أنبياء في الإسلام، وقصته تعتبر عبرة لمن لم يتبعوه، ولقد ذكر نبى الله نوح في عدة آيات قرآنية، وقد أمر الله نوح أن يحمل بالسفينة كل من آمن معه وأهله إلا من كفر منهم، وقد أمره كذلك أن يحمل زوجين من كل ما توفر لديه من حيوانات وبهائم من أجل بناء حياة جديدة بعد الطوفان.
ولا يقتضي الأمر أن يحمل زوجين من جميع الأجناس الموجودة على الأرض خاصة إذا ثبت أن الطوفان لم يعم الأرض بأكملها وأن السفينة لا تتسع لحمل هذه الأجناس كلها وأن نوحا لم يكن مكلفا بأن يجوب العالم كله بحثا عن الأجناس، وقد ركبها المؤمنون ممن آمن بنوح والذين آمنوا بنبى الله نوح عليه السلام، وقيل أنه قد آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا، وصعد أهله إلا امرأته التي كانت كافرة، وأحد أبنائه الذي قيل أنه كان يظهر الإيمان أمام والده ويخفي الكفر، وقد نادى نوح ابنه ان يركب معه فلم يجبه وقال أنه سيأوي إلى منطقة عالية لايصلها الماء فحال بين نوح وابنه الماء وغرق بذلك ابنه، وقد جاء وصف سفينة نوح في القرآن على أنها فلك كما جاء وصف آخر لها بأنها فلك مشحون للتعبير عن حمولتها الكبيرة، والفلك هو الشكل الوعائي، وهو شكل يعبر غالبا عن نوع خاص من السفن.
مثل شكل قوارب النجاة الذي لا يزال يسمى حتى الآن في بعض المناطق بالفلوكة، والفلك في معاجم اللغة هو الشكل المستدير المرتفع عن الأرض، فبالرغم من كونها سفينة لم يذكرها القرآن بلفظ سفينة إلا مرة واحدة في سورة العنكبوت وكان التعبير الغالب والمفضل لها هو الفلك، وقد جاء وصفها كذلك بأنها سفينة، وقد سميت السفن بذلك لأنها تقشر وجه الماء وهذا لا يتأتى إلا إذا كانت مقدمة السفينة مدببة، فاللهم إنا نسألك لأمتنا وحدة من بعد فرقة، وعزة من بعد ذلة، وقوة من بعد ضعف يا أرحم الراحمين.



