فن وثقافة
رؤوف ذكي يتألق بقصة شهداء ليبيا إلى العالمية بفيلم ابن الساعة الحادية عشرة
الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر

في زمنٍ تتقاطع فيه القضايا الإنسانية مع الإبداع الفني، يطلّ المخرج المصري رؤوف ذكي كأحد الأصوات السينمائية النادرة التي قررت أن تروي الحكاية من منظور الإيمان، الألم، والبطولة الحقيقية.
فبين أضواء هوليوود وروح الشرق، يقف ذكي اليوم ليعلن للعالم إنجازًا استثنائيًا بفيلمه الجديد «ابن الساعة الحادية عشرة – Son of the 11th Hour»، المستوحى من القصة الحقيقية لشهداء ليبيا الـ٢١ الذين اهتزّ العالم لاستشهادهم على أيدي الإرهاب الغاشم، لكنهم ظلّوا رمزًا خالدًا للشجاعة والإيمان والثبات.
منشور رؤوف ذكي الذي شاركه مؤخرًا عبر حساباته الرسمية لم يكن مجرّد إعلان عن انتهاء تصوير فيلم، بل كان بيانًا يحمل روح الشكر والتأمل والقداسة في آنٍ واحد. كتب قائلاً بالإنجليزية: “With the grace of God, we have completed Son of the 11th Hour…”
قبل أن يُترجم المشهد كله إلى إحساس جمع بين الفخر الوطني والإيمان العميق، مؤكدًا أن هذا العمل تمّ «بنعمة الله»، ليكون أول فيلم روائي طويل يوثق قصة شهداء ليبيا، الذين تحولت دماؤهم الطاهرة إلى نور يبدد ظلام التطرف.
في كواليس هوليوود، حيث تتقاطع ثقافات وأديان وجنسيات، اختار رؤوف ذكي أن يصنع فيلمه بفريق عمل دولي يضم أكثر من ٦٠ ممثلًا من خلفيات متنوعة، ليُجسّد الفكرة الإنسانية الجامعة التي تتجاوز الحدود واللغات.
جمع بين التقنية العالية والحس الروحي، بين الواقعية القاسية والجمال الفني، ليخلق مزيجًا نادرًا في السينما المستقلة المعاصرة.
وأكد في منشوره أن التصوير قد انتهى في أواخر مايو الماضي، وأن الفريق يعيش الآن مرحلة المونتاج والمكساج، استعدادًا لإطلاق الفيلم عالميًا خلال الفترة القادمة، وسط آمال كبيرة بأن يُعرض في كبرى المهرجانات الدولية.
رؤوف ذكي ليس مجرد مخرج عابر يسعى وراء الأضواء، بل هو ابن المدرسة التي ترى الفن وسيلة للحق، وعدسة تُعيد تعريف البطولة.
فمنذ بداياته في عالم الإخراج والإنتاج، كان واضحًا في اختياراته الجريئة، باحثًا عن المعنى العميق في القصة لا عن بهرجة الصورة فقط. فيلمه الجديد يأتي امتدادًا لهذا المسار، حيث يدمج البعد الروحي مع الإنساني، في عمل يجمع بين الدراما النفسية والتاريخية، لينقل تجربة الألم والتحرر والإيمان التي عاشها أبطال القصة الحقيقيون، ويمنحها بعدًا عالميًا يتخطى الجغرافيا والسياسة.
المثير في تجربة «ابن الساعة الحادية عشرة» ليس فقط أنها تستند إلى واقعة حقيقية مؤثرة، بل لأنها أول محاولة جادة لتقديم قصة الشهداء الـ٢١ من منظور سينمائي عالمي، يجمع بين الدقة التوثيقية والإحساس الفني الراقي.
استخدم رؤوف ذكي أدواته كمخرج مثقف وواعي، فبنى السرد على خطوط زمنية متقاطعة، بين لحظة الخطر ولحظة الإيمان، بين الألم والأمل، وبين صمت الضحايا وصوت الإنسانية الذي يعلو من بعدهم.
هذا المزج جعل الفيلم ليس مجرد عمل فني، بل شهادة على أن القوة الحقيقية للفن تكمن في صدقه.
أما عن ردود الفعل المبدئية، فقد بدأت الأوساط السينمائية في لوس أنجلوس تتحدث بإعجاب عن جرأة الموضوع وعمق رؤيته، معتبرة أن الفيلم سيكون نقلة نوعية في الأعمال المستقلة ذات الطابع الروحي والإنساني.
فبينما يغرق العالم في الإنتاج التجاري الضخم، يطلّ عمل مثل هذا ليذكّر الجميع بأن السينما لا تزال قادرة على أن تداوي الجراح وتفتح نوافذ النور.
وختم رؤوف ذكي منشوره بكلمات مؤثرة، عبّرت عن الامتنان لكل من شارك في المشروع، قائلاً: “To everyone who stood with us — thank you. Despite the odds, we made it together.”، وهي جملة تلخّص فلسفة المخرج في العمل الجماعي والإيمان بالمستحيل.
ثم أضاف دعاءً صادقًا: “May the blessings of the Holy Martyrs guide the completion and worldwide sharing of this film.”، وكأنها وصية فنية وروحية في آنٍ واحد — أن تبقى بركة الشهداء حاضرة في كل مشهد وكل عرض وكل عين تشاهد هذا الفيلم.
بهذا المشروع، يثبت رؤوف ذكي أن السينما المصرية ليست بعيدة عن العالمية، وأن هناك جيلًا جديدًا من المخرجين الذين يمتلكون وعيًا فنيًا ورساليًا معًا. فبينما يبحث كثيرون عن الشهرة، يختار هو أن يخلّد قصة الشهداء، وأن يصنع مجدًا يُكتب باسم مصر والإيمان والإنسانية.



