صحف وتقارير

زيارة بحسابات دقيقة :لماذا اسْتَدعت القاهرة حفتر الآن ؟

بقلم احمد شتيه  باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى 

 

في توقيت سياسي شديد الحساسية، جاءت زيارة المشير خليفة حفتر إلى القاهرة لتعيد فتح ملفات الأمن الليبي وتوازنات الإقليم ، الزيارة التي وصفت بأنها “مهمة” تؤكد استمرار التنسيق بين مصر والقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، خاصة فيما يتعلق بدعم وحدة ليبيا ومكافحة الإرهاب ومنع أي فراغ أمني قد يهدد الجوار.

 

تزامنت الزيارة مع حراك دولي متصاعد حول مستقبل ليبيا، ومحاولات لإعادة رسم النفوذ داخل المشهد الليبي، ما يجعل القاهرة حريصة على تثبيت دورها لاعبًا رئيسيًا في أي مسار سياسي قادم.

وتأتي أيضًا وسط حالة انسداد سياسي في ليبيا، ما يستدعي إعادة ترتيب الأولويات والتفاهمات الأمنية.

 

من المتوقع أن تشمل مباحثات الجانبين ملفات توحيد المؤسسة العسكرية، وتأمين الحدود، وخروج القوات الأجنبية، إلى جانب تنسيق المواقف حول ترتيبات المرحلة المقبلة ومسار الانتخابات المرتقب.

كما تتناول الزيارة التعاون الاقتصادي وبرامج إعادة الإعمار التي باتت تمثل محورًا مهمًا في العلاقة بين الجانبين.

 

لا يمكن فصل زيارة حفتر للقاهرة عن التطورات المتسارعة في السودان، خاصة مع اتساع دائرة الاشتباكات وامتداد آثار الأزمة إلى دول الجوار. فكلٌ من ليبيا والسودان يشكلان عمقًا استراتيجيًا للأمن المصري، وأي اضطراب على حدود البلدين يفرض على القاهرة تعزيز تنسيقها مع القوى المؤثرة في محيطها الغربي والجنوبي.

وفي هذا السياق، يبدو أن المشهد السوداني بما يحمله من مخاطر تهريب سلاح وتدفقات بشرية وإمكانية انتقال الصراع نحو مناطق أكثر حساسية يشجع على توثيق التعاون بين مصر وليبيا لضبط الحدود ومواجهة أي تهديدات عابرة.

كما أن الارتباطات القبلية بين شرق ليبيا وغرب السودان تجعل التنسيق الأمني بين القاهرة وبنغازي ضرورة وليس خيارًا، خصوصًا في ظل تخوفات من انتقال الفوضى أو صعود جماعات مسلحة تستفيد من هشاشة الوضع الإقليمي.

 

زيارة حفتر للقاهرة تحمل رسائل مزدوجة: تثبيت الدور المصري في ليبيا، والتعامل مع تداعيات الأزمة السودانية التي تضيف طبقة جديدة من التعقيد على أمن الحدود.

الزيارة باختصار تعكس معادلة إقليمية دقيقة تتقاطع فيها ملفات ليبيا والسودان، وتعيد القاهرة إلى قلب مشهد إعادة رسم الاستقرار في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock