
بقلم احمد شتيه
في زمن تشتد فيه التحديات الإقليمية والدولية، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر لترسم ملامح مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، وتعزز التعاون في مجالات حيوية، بينما تُوجت برسائل إنسانية وسياسية قوية، خاصة فيما يتعلق بالأزمة في غزة.
تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا
شهدت الزيارة تحولًا نوعيًا في العلاقات بين البلدين، حيث تم الإعلان عن رفعها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وهو ما يعكس الثقة المتبادلة والتزام الطرفين بتعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية. كما شملت الزيارة توقيع عدة مذكرات تفاهم في مجالات مثل:
الطاقة الخضراء والهيدروجين، حيث تسعى مصر لتصبح مركزًا إقليميًا للطاقة المتجددة بدعم فرنسي .
النقل والبنية التحتية، بما في ذلك مشروعات مترو الأنفاق والخطوط الحديدية، حيث أشاد ماكرون بالتطور الكبير في قطاع النقل المصري .
الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، في إطار خطة مصر لتحقيق التحول الرقمي .
دعم مصر في مواجهة التحديات الإقليمية
جاءت الزيارة في توقيت بالغ الحساسية مع استئناف الهجمات الإسرائيلية على غزة، حيث أكد ماكرون رفض فرنسا لأي مخططات لتهجير الفلسطينيين، ودعمها للمبادرات المصرية لإعادة إعمار القطاع. كما زار الرئيسان مدينة العريش، حيث تفقدا المستشفيات ومراكز الإغاثة، مؤكدين على ضرورة توفير الدعم الإنساني لأهالي غزة .
بعد اقتصادي واعد: استثمارات تصل إلى مليار يورو
كشفت الزيارة عن خطط لضخ استثمارات فرنسية جديدة في مصر بقيمة مليار يورو خلال 2025، لترتفع الاستثمارات الفرنسية الإجمالية إلى 8 مليارات يورو. وتستهدف هذه الاستثمارات قطاعات حيوية مثل:
الصناعات الدوائية والغذائية
الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية.
البنية التحتية الذكية .
رسائل إنسانية وثقافية: “أغادر مصر بقلب ممتلئ
اختتم ماكرون زيارته برسالة مؤثرة باللغة العربية عبر منصة “إكس”، قال فيها:
أغادر مصر بعد ثلاثة أيام مؤثرة، رأيت فيها نبض القلوب… في العريش، حيث يقاوم الأمل الألم. شكرًا لكم، تحيا الصداقة بين شعبينا .
كما شمل برنامج الزيارة جوانب ثقافية، مثل جولة في المتحف المصري الكبير وخان الخليلي، حيث عبر ماكرون عن إعجابه بالتراث المصري العريق .
زيارة تجسد الدبلوماسية ذات الوجه الإنساني
لم تكن زيارة ماكرون مجرد محطة دبلوماسية روتينية، بل كانت تأكيدًا على دور مصر كشريك استراتيجي في المنطقة، وفرصة لتعزيز التعاون في مواجهة التحديات المشتركة، من الأزمات الإنسانية إلى التنمية المستدامة. كما أظهرت الزيارة كيف يمكن للدبلوماسية أن تجمع بين السياسة والاقتصاد والإنسانية في إطار واحد.
في عالم تتشابك فيه المصالح والتحديات، تظل مصر وفرنسا نموذجًا للشراكة التي تبنى على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهو ما تجسد بوضوح في هذه الزيارة التاريخية.



