
نشر الدكتور محمد فضل الله عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك شرحآ وافيآ عن فلسفة السنوات الزوجية و لماذا إنضم كأس الأمم الإفريقية لموعد البطولات الكبرى في السنوات الزوجية حيث قال :
تمهيد :- لم يعد توقيت البطولات الكبرى في كرة القدم نتاج مصادفة تاريخية أو قرار إداري معزول، بل أصبح انعكاسًا مباشرًا لتحول عميق في حوكمة الرياضة العالمية ، ( فكأس العالم، ودورة الألعاب الأولمبية، وكأس الأمم الأوروبية، وأخيرًا كأس الأمم الإفريقية) جميعها استقرت في السنوات الزوجية، لتتحول هذه السنوات إلى ذروة كونية تتقاطع فيها الرياضة مع ( الاقتصاد، والقانون، والإعلام، وحقوق الإنسان الرياضي)، فانضمام إفريقيا إلى هذا النسق لم يكن مجرد تعديل في التقويم، بل إقرار فلسفي وقانوني بأن إدارة الزمن أصبحت جزءًا من شرعية البطولة نفسها، لذلك في السياق التالي شرح تفصيلي لهذا الأمر :-
أولًا :- فلسفة السنوات الزوجية ،،، لماذا هذا التوقيت؟
فالسنوات الزوجية تمثل اليوم النظام الزمني الأعلى للرياضة العالمية، حيث:
(١)- تتفرغ الجماهير عالميًا للبطولات الكبرى
(٢)- تتجه الاستثمارات والرعايات إلى أحداث كونية واضحة المعالم
(٣)- تُبنى الروزنامات الدولية للدوريات والمنتخبات على أساس ثابت
وبالتالي، فإن أي بطولة كبرى تُقام خارج هذا الإطار الزمني تُخاطر بالعزلة الإعلامية، والضغط البدني على اللاعبين، والتصادم مع البطولات الأخرى ، من هنا جاء قرار إعادة كأس الأمم الإفريقية إلى السنوات الزوجية كخطوة اندماج كامل في الإيقاع العالمي لكرة القدم، وليس مجرد انسجام شكلي مع الآخرين.
ثانيًا :- البعد القانوني – الزمن كعنصر من عناصر الشرعية ، ففي القانون الرياضي الدولي، لا يُنظر إلى التوقيت كمسألة تنظيمية فقط، بل كعنصر جوهري من عناصر اليقين القانوني.
(١)- مبدأ اليقين القانوني (Legal Certainty) والذي يستهدف :-
– استقرار توقيت البطولات:
– يحمي الحقوق المكتسبة للأندية واللاعبين
– يمنع القرارات المفاجئة التي قد تمس العقود والالتزامات
وهو مبدأ راسخ ضمن ما يُعرف بـ Lex Sportiva، والمعترف به في فقه محكمة التحكيم الرياضي (CAS).
(٢)- حماية العلاقة التعاقدية للاعب المحترف ، فاللاعب اليوم:
– موظف بعقد عمل
– مرتبط بالتزامات بدنية وتأمينية
– خاضع لبرامج تحميل بدني دقيقة
ومن ثم إقامة بطولات كبرى في توقيت متعارض مع الدوريات:
– يخل بالتوازن التعاقدي
– تُحمّل الأندية مخاطر قانونية إضافية
– تزيد من النزاعات بشأن الإصابات والإجهاد
أما توحيد البطولات الكبرى في السنوات الزوجية، فيُعيد التوازن القانوني بين (النادي ← اللاعب ← المنتخب)
(٣)- مبدأ التناسب وعدم التعسف في الحوكمة الرياضية حيث :
– لا يجوز للاتحاد القاري فرض أعباء غير متناسبة على اللاعبين أو الأندية.
– إقامة بطولة كبرى في توقيت يضغط الموسم المحلي:
– قد يُفسر كتعسف تنظيمي ويُضعف الموقف القانوني للاتحاد أمام أي طعن
لذلك فأن السنوات الزوجية تُثبت أن القرار:
– متناسب
– مدروس
– قائم على حسن النية التنظيمية
(٤)- تقليل النزاعات والتحصين أمام التحكيم الدولي
، لأن ازدحام الروزنامة كان سببًا مباشرًا لعشرات النزاعات بسبب :
– الانسحابات
– رفض إطلاق لاعبين
– مطالبات بالتعويض المالي
ومن ثم فأن توحيد البطولات الكبرى زمنيًا يعمل على :
– تقليل فرص الطعن
– يُحصّن القرارات التنظيمية
– يُعزز استقرار النظام الرياضي الدولي
(٥)- تكافؤ الفرص بين القارات ، فقانونيًا لا يجوز:
– تحميل لاعبي قارة معينة أعباء زمنية مضاعفة
– أو خلق أفضلية تنظيمية لقارات أخرى
ولكن عندما تُقام كل البطولات الكبرى في الإطار الزمني ذاته، يتحقق:
– مبدأ المساواة الهيكلية
– عدالة المنافسة
– شرعية النظام العالمي لكرة القدم
#ثالثًا :- الزمن كقيمة اقتصادية وقانونية ، فحقوق البث، الرعاية، التسويق، والعقود طويلة الأجل
كلها تعتمد على وضوح الدورة الزمنية ، وأي تغيير غير مدروس:
– قد يُعرّض الاتحادات لمطالبات تعويض
– أو لإعادة تفاوض قسرية على العقود
ومن ثم السنوات الزوجية أصبحت اليوم مظلة قانونية واقتصادية لإدارة المخاطر.
#في_النهاية :- الزمن لم يعد محايدًا ، فالرياضة الحديثة لم تعد تُدار بالموهبة فقط، بل ( بالتقويم، الحوكمة ، والقانون) ، وانضمام كأس الأمم الإفريقية إلى فلسفة السنوات الزوجية هو إعلان صريح بأن الزمن الرياضي أصبح جزءًا
– من العدالة الرياضية،
– من شرعية البطولة،
– من احترام اللاعب،
– من مستقبل كرة القدم العالمية.



