من القاهرة الى واشطن كيف سيتغير المشهد بعد تصنيف الاخوان ارهابية
بقلم احمد شتيه باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى

فى خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الشرق الأوسط، أعلنت الولايات المتحدة رسميًا تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، لتدخل الجماعة أكبر قوائم الحظر الدولية بعد سنوات من الجدل داخل المؤسسات الأمريكية حول توصيفها.
القرار جاء فى لحظة سياسية حرجة عالميًا وإقليميًا، ما يدفع للتساؤل: لماذا الآن؟ وما أبعاد الخطوة على مصر والمنطقة؟
مصر كانت من أوائل الدول التى اتخذت موقفًا حاسمًا تجاه الجماعة وصنّفتها إرهابية منذ 2013، وكانت دائمًا تُحذّر من نشاطها العابر للحدود وشبكات تمويلها وإعلامها.
ويأتى القرار تعزيزا لشرعية الموقف المصرى فالقرار الأمريكى يمنح دعمًا سياسيًا كبيرًا للرؤية المصرية التى كانت تؤكد أن الجماعة ليست كيانًا سياسيًا بل شبكة أيديولوجية تتداخل مع الإرهاب.
تجفيف مصادر التمويل: واشنطن تملك نفوذًا واسعًا على البنوك العالمية، ما يعنى تضييق الخناق على أموال التنظيم وواجهاته الاقتصادية.
تحجيم نشاط الإعلام الإخوانى بالخارج: القرار قد يؤدى إلى قيود على منصات إعلامية تابعة للجماعة تعمل من دول تعتبر شراكتها مع واشنطن مهمة.
تعاون أمنى أوسع ، فخطوة واشنطن تمهد لتنسيق أمنى أكبر بين مصر والولايات المتحدة فى ملفات مكافحة التطرف والهجرة غير النظامية.
اما بالنسبة لدول المنطقة عامة ودول الخليج خاصة السعودية والإمارات والبحرين سبق وصنفت الجماعة إرهابية، لذلك يُتوقع أن ترحب بالقرار بشدة لأنه يتماشى مع استراتيجياتها الداخلية والخارجية ويحدّ من النفوذ الإخوانى فى المنطقة.
اما بالنسبة لتركيا وقطر فالقرار يمثل ضغطًا واضحًا على أنقرة والدوحة اللتين كانت لهما علاقات سياسية وإعلامية مع الجماعة.
قد تخضع الدولتان لمراجعات سياسية، خاصة فيما يتعلق بإيواء قيادات أو منصات إعلامية.
الأردن وتونس والمغرب هذه الدول تعاملت مع فروع الإخوان كأحزاب سياسية، لذا ستواجه معادلة جديدة فى التوازنات الداخلية، وربما تعيد ضبط العلاقة بين الدولة وتلك التيارات.
يمثل القرار ضربة لأيديولوجيا الإسلام السياسى فالقرار يمثل تحولًا كبيرًا فى الموقف الغربى تجاه الفكر الإخوانى الذى تم استخدامه سابقًا كأداة سياسية ، كما يعيد رسم التحالفات عن طريق فتح الباب أمام تقارب أكبر بين القاهرة وواشنطن، وربما يسرّع وتيرة تسويات فى المنطقة تشارك فيها قوى عربية.
تغيير حسابات الجماعة عالميًا فمن المتوقع ان يتم التضييق على تحركاتها فى أوروبا والولايات المتحدة، وخطابها الإعلامى سيواجه تدقيقًا أشد.
تأثير على ملف غزة وحماس ،حيث تصنف حماس إحدى فروع الإخوان، القرار قد ينعكس على مستقبل الدعم الغربى للتنظيم ويغيّر قواعد اللعبة السياسية.
وفى تحليلى للمشهد يُرجّح أن القرار لم يأتِ فجأة، بل جاء نتيجة ثلاثة عوامل رئيسية،
اهمها التحولات داخل الولايات المتحدة نفسها
تصاعد التيارات المحافظة وتأثير دوائر صنع القرار التى باتت ترى أن الجماعة تمثل تهديدًا لأمنها القومى ولداخلها الاجتماعى ،التغيرات فى ميزان القوى بالشرق الأوسط فالولايات المتحدة تسعى لإعادة تموضعها فى المنطقة بعد تراجع نفوذها مقارنة بروسيا والصين، وكان لا بد من خطوة تُعيد ترتيب الأولويات وتعزّز علاقتها بحلفائها ، تقييم استخباراتى طويل
التقارير الأخيرة التى تتحدث عن نشاط مالى وإلكترونى متشعب للجماعة خارج الشرق الأوسط ربما دفعت الإدارة الأمريكية لحسم الجدل.
قرار واشنطن بتصنيف الإخوان «منظمة إرهابية» لن يكون حدثًا عابرًا، بل نقطة تحول قد تغيّر كثيرًا من المعادلات فى الشرق الأوسط.
مصر ستكون أكثر الدول المستفيدة، ودول المنطقة ستعيد ترتيب أوراقها، بينما ستواجه الجماعة واحدة من أصعب مراحلها منذ تأسيسها.
التوقيت ليس صدفة… بل انعكاس لإعادة تشكيل المشهد الإقليمى والدولى فى لحظة تتغير فيها قواعد اللعبة.



