مقالات وآراء

سوريا الجديدة والتحديات الداخلية

إن ما جرى في سوريا خلال أربع عشرة سنة (عمر الثورة) من تدمير لجميع مقومات البلاد بأنواعها كافةً شيءٌ والتدمير الذي أصاب الحياة الاجتماعية -وهو الأخطر- شيءٌ آخر. لقد تعرض المجتمع السوري بمكوناته كافةً لتهالك في الروابط الاجتماعية التي عُرف بها سابقاً، وكان ذلك في البدء بفعل النظام البائد،الذي حاول تقسيم المجتمع إلى طوائف لضرب أيّمشروع وطني يقوم على الانتقال بالبلد من نظام استبدادي إلى نظام ديمقراطي يكون الانتماء الوطني فيه هو المعيار؛ لهذا قام النظام بجلب الميلشيات من خارج البلاد لأجل زيادة الانقسام بين مكونات الشعب السوري ما يضمن له الاستمرار في ادعاء حماية الأقليات إلى أطول مدة زمنية، وقد نجح إلى حدٍّ ما في خلق هذا الشرخ بين مكونات المجتمع السوري، إلا أنّالمفاجأة كانت في قدرة الشعب السوري على تجاوز هذا الشرخ لأجل بناء سوريا الجديدة، وهذا لا يكون الا بالارتقاء بالشعور الوطني، والتأكيد على أن جميع السوريين كانوا ضحيةً لجرائم النظام، ولا يعني ذلك مطلقاً عدم محاسبة المجرمين الذين تورطوا بدماء الشعب السوري من المكونات كافةً بصرف النظر عن انتمائهم المذهبي أو الإثني أو القومي؛ فهناك مجرمون كانوا قد ساعدوا النظام في تنفيذ مشروعه من مكونات المجتمع السوري كافةً، كما تمّ جلب الإرهاب “داعش – p.k.k” من خارج البلاد بهدف تقسيم المجتمع الواحدعلى أسس طائفية وإثنية، وكان وراء جلبه قوى إقليمية ودولية كانت تعمل على استمرار الصراع وعدم ترك أيّفرصة لأيّ حلّ سياسي يحقق تطلعات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية. لقد منع السوريون بمكوناتهم كافةً الاستعمار الفرنسي من تقسيم سوريا إلى عدة دويلات، وهم قادرون أيضاً على توحيد أنفسهم ووضع مستقبلهم بعيداً عن المصالح الضيقة والمحاصصة التي سوف تزيد من انقسام المجتمع السوري، الذي يتمتع بإرثٍ ثقافي واجتماعي على الأراضي السورية كافةً، وقد عُرفت عنه القدرة الكبيرة على بناء نفسه في أسرع وقت، فلا خوف على السوريين في بناء دولتهم الجديدة، ولتكن وطنيتهمالسورية أساس نظامهم الديمقراطي، وعدم السماح للآخرين بالعزف على الوتر الطائفي مرة ثانية. إن تأخر بناء سوريا الجديدة فيه ضرر على كلّ السوريين،وهم في سباق مع الزمن لردم الهوّة التي أوجدها النظام بين مكوناتهم. وحرصُ الآخرين من بعض القوى الإقليمية والدولية على استمرارها سوف يستمر،وعلينا التنبّه الى ذلك وتلافي أيّ أخطاء قد تحدث أثناء مسيرة البناء، ولنا في جنوب أفريقيا مثال يُحتذى به.

 

المستشار/  أسعد محمود الهفل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock