
من رواية نبيّ الظلام.
هبوط الرجل آدم وزوجه من الجنّة سيكون بسبب ذريّة إبليس، التي نزلت مع ما قام به الحاقد في الخفاء، إذ تعمّد إبليس أن ينجّس به طين المخلوق الإنسان، لأن إبليس ليس ملاكا فهو مخلوق من نار، ولم يسمح له الإله بالسمو إلى أعلى المراتب في الجنّة.
،؛، لذلك؛ نلاحظ بأن الذريّة الطاهرة، هي التي تؤمن دائما بالأشياء المحسوسة وحتى في حبّها تكتفي بتلاقي الأرواح فحسب، ولا يهمّها إذا بقي الشريك بعيدا عنها ولم تمسّه أو تراه عن كثب. ،؛،
وهذا ينطبق عمّا كان يحصل مع آدم وحواء قبل أن يمسّا الشجرة، وأنّ الله وعد ذريّة آدم الطاهرة أنهم سيكونون أحياء بعد الموت، عند ربّهم يرزقون، بينما الذريّة الملوثة دائما ما اِنشغلت بالأمور المادية وهفتت وراءها، مستخدمة القوة والضعف وحتى في حبّها؛ فهي ترغب بالتلاقي الجسدي والجنسي، أو على الأقل أن ترى الشريك عن قرب وتستمتع بمحانسه وملامسته، وأن الإله؛ سيقصي بعد الموت الذريّة الخبيثة التي أصابها نجس بول إبليس إلى الجحيم.
يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين؛
رافق جبرائيل الملاك نزول المغضوب عليه من الجنّة وقام يفتح أبواب السماء الواحدة تلوى الأخرى بإذن الإله، فشاهد الشيطان كيف تفتح وكيف اِبتعد عن أرض الجنّة.
إن فتح أبواب السماء كان عن طريق المفاتيح الكونية، وهي كلمات تدعى المفتاح الاسم.
إبليس قبل أن يُرفع وحتى لما أصابته اللعنة، كان عظيم الخلقة ويفوق الرجل آدم في الطول والحجم والقوة، ثار الشيطان ورفض أن يتقبّل فكرة خروجه من الجنّة، وابتعاده عن السماء وبما أنه كان طويلا جدا وضخما، راح يضرب برأسه على السقف المحفوظ، لدرجة أن قرنيه كانتا تلامسان السقف، فأحدث على إثر الاِحتكاك الشديد به، ثغرة كادت أن تخرق الطبقة الأولى من السقف المحفوظ. إلا أن الإله؛ جعله يخنس عمّا كان عليه، ففقد طوله وحجمه وصار أصغر وأقصر قامة مقارنة بالرجل آدم، ثم إن الثغرة التي كانت في السقف، حطّمت قطعة من قرن الشيطان، وهي بالضبط من قرنه الأيمن، وهكذا أتباع الملك الشيطان، قدّسوا القرون وجعلوا منها رمزا للقوة.
إبليس ما يزال معتقدا أن الله طرد آدم وزوجه، كما طرده هو وأخزاه. وبجانب جبل المغناطيس في الجزيرة العقيمة قيّده بين السماء والأرض، فعندما كان من الجنّ اِستطاع أن يرى ويسمع ويتكلّم، لكن عندما عصى الله ونوى على أذيّة آدم وذريّته؛ أنزل عليه الإله لعنة مُقفلة، فأصبح شيطانا لا يرى ولا يسمع ولا يتكلّم وهو من شرّ الدوابّ عند الله.
لما نزل إبليس إلى الأرض؛ كان يملك علم العالم الموازي كلّه، ومن هنا بدأ الإختلاف، بحيث يرى كل مسيء أنه على حق من وجهة نظره. بدأ إبليس في إعادة صياغة لكل الطقوس التي رآها في العالم الموازي، حتى لمّا لعنه الله كان لا يزال مقتنعا أنه على حق، لما رفض السجود لغير الإله.
بدأ يوسوس لذريّة آدم؛ أن الخير مؤذي وأن الشرّ هو السبيل لكل جميل. الشيطان المتكبّر والذي هو نفسه إبليس؛ قارن بينه وبين الله بالرجوع إلى طبيعة مخلوقاته، فظنّ؛ أن الإله أصله من النار كما هو تماما، ولذلك نصّب نفسه إلها، لأنه الوحيد الذي خلق من النار الأصلية وباقي الشياطين ما هم إلا نسله، لكن ليس من النار الأصلية طبعا.
أقنع إبليس أتباعه؛ أنهم على حق وأنهم الأقوى، لأنهم من نار الخير الخالدة وغيرهم في نظره هم الضالون ويجب أن يكونوا عبيدا، وكان يعد أتباعه بالنجاح والتفوّق وفعلا نجح؛ لكن كانت هناك معضلة في اِكتساب المزيد من القوة والتي تستوجب طقوسا معينة، كان يراها إبليس من القواعد الأساسية لكينونة الوجود. تلك الطقوس؛ تتضمن كل الأشياء التي تظهر في العالم الموازي خيّرة.
هنا؛ اتخذ إبليس من نفسه إله متشبّها بالله وجعل نفسه ندا له، لما رأى أن كل المخلوقات ليست من طبيعته وهي النار الخالدة. جمع المردة وباركهم بالنار المقدّسة وبعثهم في كل بقاع الأرض وشيّد أبراجا في السماء، ليُحكِم السيطرة على كل المخلوقات ونجح في ذلك كليّا.



