صحف وتقارير

سيرة عالم أزهري حمل لواء الوسطية حتى آخر لحظة في حياته الدكتور أحمد عمر هاشم

كتب محمد الرفاعي

في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 طوى الموت صفحة من أنبل صفحات الأزهر الشريف برحيل العالم الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الأزهر الأسبق عن عمر ناهز 84 عامًا بعد حياة امتدت لأكثر من ستة عقود في خدمة الدين والعلم والوطن.

النشأة والبدايات

وُلد الدكتور أحمد عمر هاشم في 6 فبراير 1941 بقرية بني عامر التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية نشأ في بيتٍ متدينٍ محبٍّ للقرآن والعلم فكان حفظ كتاب الله أول ما تعلّمه في صغره وهو ما ترك أثرًا عميقًا في مسيرته العلمية فيما بعد.

ومنذ طفولته ظهرت عليه ملامح النبوغ وحب المعرفة فكان من أوائل طلاب معاهد الأزهر متفوقًا في دراسته متمسكًا بآداب العلماء ووقار الأزهر الشريف.

مسيرته العلمية والجامعية

التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف وتخرج فيها عام 1961م بتفوق ليبدأ رحلة طويلة في العلم والبحث والتعليم.

نال درجة الماجستير ثم الدكتوراه في الحديث وعلومه وأصبح أحد أبرز المتخصصين في هذا العلم الشريف حتى تولى التدريس ثم رئاسة قسم الحديث بالكلية نفسها.

تدرج في المناصب الأكاديمية حتى حصل على درجة الأستاذية عام 1983م ثم عُيّن عميدًا لكلية أصول الدين بفرع الزقازيق عام 1987م وبعدها أصبح رئيسًا لجامعة الأزهر الشريف وهي الفترة التي شهدت نشاطًا علميًا ملحوظًا وتوسعًا في الخدمات التعليمية والدعوية داخل الجامعة وخارجها.

عالم وداعية معتدل

لم يكن الدكتور أحمد عمر هاشم مجرد أستاذ جامعي أو إداري ناجح بل كان داعيةً بالفطرة وخطيبًا بليغًا جمع بين عمق العلم وروح الدعوة.

عرفه الناس بصوته الدافئ في البرامج الدينية وبأسلوبه القريب إلى القلب الذي يخاطب العقول والقلوب معًا.

كان من أشد المدافعين عن السنة النبوية ومن أبرز الأصوات التي نادت بالوسطية والإعتدال رافضًا الغلوّ والتطرف بكل أشكاله.

كان دائم الحضور في المحافل المحلية والدولية ممثلًا للأزهر الشريف في المؤتمرات الإسلامية الكبرى وترك أثرًا عميقًا في وجدان كل من سمعه أو قرأ له.

مؤلفاته وإسهاماته العلمية

ترك الدكتور أحمد عمر هاشم إرثًا علميًا زاخرًا تجاوز ثمانين كتابًا في علوم الحديث والتربية الإسلامية والدعوة والسيرة النبوية منها:

الشفاعة في ضوء الكتاب والسنة

الإسلام وبناء الشخصية

السنة النبوية وعلومها

المنهج الإسلامي في تربية الشباب

من هدي النبوة

كما أشرف على مئات الرسائل العلمية لطلاب الدراسات العليا وأسهم في تخريج أجيال من العلماء والأئمة والخطباء الذين حملوا فكره ومنهجه.

الجوائز والتكريمات

نال الراحل الكريم العديد من الأوسمة والتكريمات، كان آخرها جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم بوصفه الشخصية الإسلامية لعام 2023 تقديرًا لدوره الرائد في خدمة القرآن الكريم والسنة النبوية ونشر الفكر الأزهري المعتدل في أرجاء العالم.

شهادة الأزهر والعلماء

نعاه الأزهر الشريف في بيان مؤثر مؤكدًا أن الفقيد كان “أحد كبار العلماء الذين أفنوا حياتهم في خدمة الإسلام واللغة العربية ودعوا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وكان نموذجًا في الخلق والعلم والاعتدال”.

كما نعته وزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية وعدد من الهيئات الدينية في العالم العربي والإسلامي مؤكدين أن رحيله خسارة فادحة للأمة وللعلم الشرعي.

رحيل ووداع مؤثر

شُيعت جنازته عقب صلاة الظهر من الجامع الأزهر الشريف في مشهد مهيب شارك فيه العلماء والطلاب ومحبو الفقيد من مختلف المحافظات.

ودُفن جثمانه الطاهر بمسقط رأسه في قرية بني عامر بالشرقية وسط دعوات بالرحمة والمغفرة ودموع من عرفوه ودرسوا على يديه.

برحيل الدكتور أحمد عمر هاشم يفقد الأزهر الشريف والعالم الإسلامي علمًا من أعلامه الكبار ورمزًا للعلم والخلق والوسطية

لكن علمه سيبقى وصوته سيظل حيًّا في ذاكرة محبيه وكتبه ستبقى منارات تهدي طلاب العلم إلى طريق الهداية والإعتدال.

رحم الله العالم الجليل وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وجعل ما قدمه في ميزان حسناته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock