متابعة / محمد نجم الدين وهبى
قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، إن الشهور التي أعقبت اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أظهرت تزايد الدعم لعزل إسرائيل.
وقالت الصحيفة: «قد يؤدي هذا التحول إلى تغيير مسارات العمل الإسرائيلية، وإلحاق الضرر بالأعمال التجارية، وإثقال كاهل اقتصاد دولة يبلغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة وتعتمد على التعاون الدولي والدعم للدفاع والتجارة والبحث العلمي».
ونقلت الصحيفة عن، رئيس قسم القانون الدولي السابق في الجيش الإسرائيلي عيران شامير بورير، قوله إن «موجة المبادرات السياسية والقانونية الجديدة ضد إسرائيل غير مسبوقة. وتشمل هذه المبادرات التحركات ضد إسرائيل وقادتها في المحكمة العليا للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية».
وأضاف بورير: «أعتقد أن هناك بالتأكيد سبباً للقلق، إن التحول إلى دولة منبوذة يعني أنه حتى لو لم تحدث الأمور رسمياً، فإن عدداً أقل من الشركات تشعر بأنها تريد الاستثمار في إسرائيل في المقام الأول، وعدد أقل من الجامعات تريد التعاون مع المؤسسات الإسرائيلية».
وتابع التقرير: «الإسرائيليون يجدون أنهم لم يعودوا موضع ترحيب في العديد من الجامعات الأوروبية، بما في ذلك المشاركة في التعاون العلمي. كما أصبحت مشاركتهم في المؤسسات الثقافية ومعارض الدفاع من المحرمات بشكل متزايد».
مشاركة مرفوضة
كان ليدور مادموني، الرئيس التنفيذي لشركة إسرائيلية صغيرة ناشئة في مجال الدفاع، يستعد منذ أشهر لمعرض دولي للأسلحة في باريس في يونيو/حزيران. وقال إن المؤتمر، الذي يحمل اسم «يوروساتوري»، سيكون فرصة نادرة لموظفيه الصغار لتوسيع أعمالهم. ثم وصلته رسالة إلكترونية تخبره بأنه بسبب قرار محكمة فرنسية، مُنعت شركته من الحضور.
وقال المنظمون عشية الحدث «لدينا التزام بمنع وصولكم إلى المعرض اعتبارا من يوم غد»، مستشهدين بأوامر قضائية جاءت في أعقاب حظر أصدرته وزارة الدفاع الفرنسية ردا على العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، مدينة غزة التي لجأ إليها أكثر من مليون شخص.
وقالت نومي ألييل، المديرة الإدارية لشركة ستاربورست إيروسبيس في إسرائيل، وهي شركة استشارية دولية تعمل على تطوير واستثمار الشركات الناشئة في مجال الطيران والدفاع، إن القرارات الفرنسية «صدمت المجتمع بأكمله». وقال منظمو المؤتمر إنهم تقدموا بطلب لإلغاء قرار المحكمة وأخبروا الشركات الإسرائيلية في رسالة بالبريد الإلكتروني أنهم يفعلون كل ما في وسعهم لتمكينهم من الحضور.
حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات
وسلطت وول ستريت جورنال الضوء على «حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات» وفرض العقوبات عليها، والتي تأسست في عام 2005 من قبل منظمات المجتمع المدني الفلسطينية.
ودعت الحركة لسنوات إلى استخدام الضغوط الدولية على إسرائيل لتعزيز أهدافها، والتي تشمل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة والفوز بحق اللاجئين الفلسطينيين وذريتهم في العيش في إسرائيل. لكن الحركة لم تجد سوى قدر محدود من الزخم.
وتابعت الصحيفة: «لقد تغيرت البيئة بعد اندلاع الحرب على غزة».
وبحسب الصحيفة فقد تحققت بعض الأهداف القديمة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وغيرها من المنظمات المؤيدة للفلسطينيين نتيجة للحرب.
وتقول حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل على موقعها الإلكتروني: «مع عزلة الشركات والمؤسسات الإسرائيلية، ستجد إسرائيل صعوبة أكبر في قمع الفلسطينيين». ورفض عمر البرغوثي، أحد مؤسسي حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، التعليق على هذه المقالة.
وعندما بدأت الحرب، بدأت المقاطعات الجديدة تتدفق، وخاصة من أقسام العلوم الإنسانية والاجتماعية، كما تقول نيتا باراك كورين، أستاذة القانون التي ترأس فريق عمل مناهض للمقاطعة تم تشكيله أثناء الحرب في الجامعة العبرية في القدس.
وبدأت المقاطعة تتسع منذ حوالي شهرين، وانتشرت إلى العلوم البحتة وإلى مستوى الجامعات: «حركات على مستوى الجامعة والأهم من ذلك قرارات بقطع جميع العلاقات مع الجامعات الإسرائيلية والأكاديميين الإسرائيليين»، كما قالت، وأضافت أن أكثر من 20 جامعة في أوروبا وكندا تبنت مثل هذا الحظر.
وقالت طالبة إسرائيلية كانت تستعد للدراسة في جامعة هلسنكي إنها كانت تبحث بالفعل عن سكن في فنلندا، حتى أبلغتها المدرسة في مايو/أيار أنها علقت اتفاقيات التبادل مع الجامعات الإسرائيلية.
وقالت مينا كوتانيمي، رئيسة خدمات التبادل الدولي في جامعة هلسنكي، إن الجامعة أوقفت إرسال طلابها إلى إسرائيل بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول وقررت تعليق التبادلات في مايو/أيار للتعبير عن قلقها إزاء الصراع. وأضافت أن الجامعة لا تنوي تقييد تعاون باحثيها مع الإسرائيليين.
وتكتسب المقاطعة زخماً متزايداً في مختلف المجالات الأكاديمية. ففي شهر مايو/أيار، أبلغت مجلة النقد الثقافي، التي تصدرها دار نشر جامعة مينيسوتا، عالم اجتماع إسرائيلياً بأن مقاله قد تم منعه من النشر لأنه، كما يعتقدون، ينتمي إلى مؤسسة إسرائيلية.
مقاطعة ثقافية فنية
ووقع أكثر من ألف فنان إسكندنافي على عريضة غير ناجحة لمنع إسرائيل من المشاركة في مسابقة الأغنية الأوروبية يوروفيجن. ومثلت المغنية إيدن جولان إسرائيل في النهائيات في السويد في مايو/أيار، حيث احتلت المركز الخامس. وقال أحد أعضاء لجنة التحكيم النرويجية إنه لم يمنح إسرائيل أي نقاط بسبب أفعالها في غزة، وهو انتهاك لقواعد مسابقة الأغنية الأوروبية التي تحظر على القضاة منح نقاط على أساس جنسية المؤدي.
ومنذ بداية الحرب، رفض بضع عشرات من المؤلفين، أغلبهم أميركيون، ترجمة كتبهم إلى العبرية وبيعها في إسرائيل، كما تقول إفرات ليف، مديرة حقوق الأجانب في وكالة ديبورا هاريس في إسرائيل، وهي وكالة أدبية.
وقال ليف إن أحد المؤلفين الذي عمل مع الوكالة وكتب كتابًا للشباب يركز على قبول المثليين رفض نشر كتاب ثانٍ في إسرائيل، على الرغم من توقيع عقد بالفعل وترجمة الكتاب إلى العبرية.