عربي وعالمي

 صفقة تبادل المحتجزين على شفا الانهيار بعد أسابيع من المشاورات

 

 

متابعة / محمد نجم الدين وهبى

 

على حافة الهاوية، تقف مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس، تتأرجح كحبال رفيعة تحت ثقل التعنت الإسرائيلي وصلابة مطالبه. 

وفي ظل هذا المشهد الحافل بالتوترات، تتضاءل فرص النجاح مع كل لحظة تمر، وتقترب المفاوضات من الانهيار، مما يضع المنطقة أمام سيناريوهات غامضة ومستقبل مجهول.

وعندما تذوب الآمال في التوصل إلى هدنة، يزداد الحديث عن البدائل الممكنة.. فهل سنشهد تصعيدًا جديدًا يعمق من جراح المنطقة؟ أم سيحاول الوسطاء استكشاف مسارات جديدة للخروج من هذه الأزمة المتفاقمة؟ 

حول هذا الموضوع، دارت نقاشات الجزء الثاني من حلقة اليوم الأربعاء ببرنامج «مدار الغد» الذي يعرض عبر شاشة «الغد»، وفيه قال الدكتور رفعت سيد أحمد، الخبير في قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، إن «المشهد يتجه إلى التصعيد، وأنا أعتقد أن الجانب الإسرائيلي، وعلى وجه الخصوص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والحاكمين معه في الجيش أو في المؤسسة السياسية لا يريدون إيقاف تلك الحرب، هم يريدون تعطيل هذه الصفقات من أجل استمرار الحرب، لأن عشية إيقاف تلك الحرب ستكون المحاكمة الطبيعية لفشلهم في غزة باستثناء تدمير البشر والحجر». 

وأضاف، في تصريحات من القاهرة: «الصفقة في تقديري ستنتهي، وهناك 4 أسباب فرعية وسبب رئيسي»، موضحا أن «الأسباب الفرعية هي نتساريم وفيلادلفيا والأسرى الفلسطينيون منذ مدة طويلة داخل السجون الإسرائيلية إما في الضفة أو في غزة، وأيضا استمرار القتال مع استمرار التفاوض، وهو ما ترفضه كل قوى المقاومة الفلسطينية على اختلافها». 

وأشار إلى أن «السبب الرئيسي هو نتنياهو في ذاته، الذي يمثل العقبة الكبرى في كل تلك الصفقات، فمنذ بداية الحرب هناك كثر من 7 صفقات تمت، وهناك 10 زيارات لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن»، مؤكدا أن «أميركا شريكة أساسية في تلك الحرب، وفي إفشال تلك الصفقات، لكن العقبة الأكبر هي نتنياهو، وسيظل هو السبب الرئيسي في إفشال الصفقات». 

وقال الأكاديمي و الباحث في الشؤون السياسية، الدكتور أشرف بدر، إن «المجتمع الدولي غير عادل، ولا يحتكم إلى أي معايير قانونية أو أخلاقية، فعندما يتم مساواة سكان قطاع غزة الذين يتعدون مليوني شخص مع 109 من المحتجزين ويوضعوا في نفس الكفة، بمعنى أنه نسعى لوقف إطلاق النار وإاعادة المحتجزين، وكأن الأمرين متساويان». 

وأضاف، في تصريحات من الخليل: «إذا كان يجب الحديث، فمن المفترض ان يدور الحديث عن 8 أو 9 آلاف معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية، ليس لديهم أي تهمة سوى أنهم رافضون لوجود الاحتلال، وفي المقابل يوجد 109 محتجزين، أما أن توضع حياة شعب بأكمله، معظمه في قطاع غزة، في مقابل 109 محتجزين، ويصبح هناك حديث واضح ووقح من قبل بعض القيادات الإسرائيلية، مثل وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت، الذي يقول بشكل واضح مع زيارة بلينكن، نحن نمارس الضغط العسكري، والولايات المتحدة تمارس الضغط السياسي من أجل استعادة المحتجزين، وبالتالي فإن الهدف الأساسي لكل المفاوضات التي تحدث هو استعادة المحتجزين الإسرائيليين وعدم التعهد بوقف إطلاق النار». 

وتابع: «نتنياهو لا يسعى لوقف إطلاق النار، وهو يريد أن تكون له يد مطلقة لممارسة مذابح الإبادة الجماعية التي يمارسها في قطاع غزة، ويُبقِي عجلة الحرب دائرة بما يضمن وجوده في الحكم، وتحت شعار وهمي وغير مفهوم اسمه النصر المطلق».

من جهته، قال كبير الباحثين بالمجلس الأطلسي، توم واريك، إن «ما قاله بلينكن إن كلا من إسرائيل وحماس لا بد أن يتفقا على نص واحد، ويجب عليهما أن يتوصلا إلى هدنة لوقف إطلاق النار، من أجل وقف هذا النزاع المدمر على المستوى الإنساني، ولكن إدارة بايدن تبذل الكثير من الجهود من أجل ضمان أن تأتي السنوات المقبلة بصفقة أفضل وإيجابية توافق عليها إسرائيل وحماس». 

وردا على سؤال «الغد» حول ما أعلنه بلينكن أن نتنياهو وافق على المقترح المعدل، في حين نتنياهو يقول إنه لن يقبل الانسحاب من فيلادلفيا بشكل قاطع، قال واريك: «نعم، هذا صحيح، ولكن ما يمكن أن يحدث هو أن هذا الاقتراح يعرض بعضا من الانسحاب وليس الانسحاب الكامل»، مؤكدا: «نحن نتفهم أن  القادة العسكريين الإسرائيليين لا بد أن يتفهموا الموقف، ولكن أيضا هذا ما وافق عليه نتنياهو، الأمر الآن يتعلق بما إذا كانت حماس ستقوم بما ستفعله إسرائيل، يجب أن تتم هذه الصفقة بالقاهرة، على نفس الصفحة وعلى نفس الإطار».

 

مفاوضات مهددة بالانهيار 

وتطالب إسرائيل بفرض سيطرتها العسكرية على محوري نتساريم وفيلادلفيا الإستراتيجيين في قطاع غزة، ما يمثل أحد أبرز العراقيل التي تواجه مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الثلاثاء، إن قواته لن تغادر محوري نتساريم وفيلادلفيا في قطاع غزة. 

وأكد نتنياهو في لقاء مع عائلات الجنود القتلى: «لن نغادر محوري فيلادلفيا ونتساريم في أي حال من الأحوال بالرغم من الضغوط الهائلة التي تتم علينا». 

واعتبر نتنياهو أن هذا القرار بمثابة «قاعدة استراتيجية عسكرية وسياسية على حدٍ سواء». 

وقال مسؤولون قريبون من المفاوضات، لوكالة أسوشيتد برس، إن إسرائيل تريد الحفاظ على وجود عسكري في منطقة عازلة ضيقة على طول الحدود بين غزة ومصر والتي تطلق عليها اسم «ممر فيلادلفيا»، وكذلك في منطقة خصصتها لقطع شمال غزة عن الجنوب والمعروفة باسم «ممر نتساريم». 

ورفضت حماس هذه المطالب، التي لم يتم الإعلان عنها إلا في الأسابيع الأخيرة. 

ووصفت حركة حماس، أمس الثلاثاء، أن تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن التي اتهم فيها الحركة بأنها «تتراجع» عن خطة التسوية في غزة، بأنها «ادعاءات مضللة». 

ولم يتضح بعد ما إذا كانت السيطرة الإسرائيلية على هذه الممرات مدرجة ضمن الاقتراح الذي تدعمه الولايات المتحدة والذي دعا وزير الخارجية أنتوني بلينكن حماس إلى قبوله لكسر الجمود في محادثات وقف إطلاق النار. 

وقال بلينكن، الذي عاد إلى المنطقة هذا الأسبوع، يوم الإثنين، إن إسرائيل وافقت على الاقتراح دون أن يوضح ما ينطوي عليه.

 

مصر ترفض 

ورفضت مصر الخرائط التي عرضتها إسرائيل بشأن وجود قوات للجيش على طول محور فيلادلفيا طبقا لما كشفه موقع واللا الإسرائيلي، اليوم الأربعاء. 

وذكر الموقع الإسرائيلي أن «مطلب بنيامين نتنياهو الجديد، الذي ينص على بقاء قوات الجيش الإسرائيلي منتشرة على طول محور فيلادلفيا، أصبح عقبة كبيرة أمام صفقة المحتجزين». 

وأضاف: «رفضت مصر والولايات المتحدة الخريطة التي قدمتها إسرائيل، والتي ينتشر فيها الجيش الإسرائيلي على طول المحور، وأوضح الأميركيون أن الخريطة التي قدمتها إسرائيل لا تسمح بالوصول إلى الاتفاق وطالبوا بنسخة معدلة». 

ومن المتوقع أن يتحدث الرئيس الأميركي جو بايدن الليلة، مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لحثه على إبداء المزيد من المرونة من أجل إبرام صفقة المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة.

 

تعنت نتنياهو يعوق الصفقة

في السياق ذاته، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الوفد المفاوض يقول إن تعنت نتنياهو بشأن وجود الجيش بمحور فيلادلفيا لن يتيح التوصل لصفقة. 

وأضافت أن إسرائيل تستعد لقمة القاهرة بالرغم من انعدام التوافق بشأن محور فيلادلفيا.

 ونوهت هيئة البث باقتراح أميركي يتضمن الانسحاب من محور فيلادلفيا خلال المرحلة الثانية من الصفقة، لكن حماس تتمسك بانسحاب إسرائيل من المحور خلال المرحلة الأولى للصفقة. 

وأكدت هيئة البث الإسرائيلية أن من المرتقب أن يتحدث بايدن مع نتنياهو ويرسل كبير مستشاريه لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، غدا للقاهرة في محاولة لإنجاح القمة. 

من جهته، أعلن مكتب نتنياهو أن التقرير حول موافقة إسرائيل بالانسحاب من فيلادلفيا غير صحيح. 

وقال مكتب نتنياهو إن إسرائيل تصر على تحقيق أهداف الحرب كما حددها الكابينيت، وتشمل أن لا تبقى غزة مصدر تهديد أمني لإسرائيل، وهذا الأمر يُلزم بإغلاق الحدود الجنوبية للقطاع.

ويعتبر إعلان مكتب نتنياهو بمثابة تأكيد إسرائيلي بأنها لن تنسحب بأي مرحلة من مراحل الصفقة من محور فلاديلفيا، وإشارة واضحة أن إسرائيل تريد فرض سيطرة دائمة عند الحدود مع مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock