في مساء 12 مايو 2025، تحوّلت العاصمة الليبية طرابلس إلى ساحة حرب مفتوحة بعد اغتيال عبد الغني الككلي، قائد “جهاز دعم الاستقرار” التابع للمجلس الرئاسي، خلال مفاوضات داخل مقر “اللواء 444” العسكري، وقد تحوّل الحادث إلى شرارة أطلقت موجة عنف واسعة، مع هجوم سريع شنته قوات حكومة الوحدة الوطنية على مقرات الجهاز المُتهم بتمثيله للمجموعات المسلحة غير النظامية.
أعلنت وزارة الدفاع التابعة لحكومة عبد الحميد الدبيبة صباح الثلاثاء 13 مايو عن نجاح “عملية طرابلس”، مشيرةً إلى السيطرة الكاملة على منطقة أبو سليم، معقل الككلي، ومقرات جهاز دعم الاستقرار ، وشملت المواجهات استخدام أسلحة ثقيلة في أحياء مكتظة، مما دفع الأمم المتحدة إلى التحذير من احتمال ارتكاب “جرائم حرب” بسبب استهداف المدنيين.
في المقابل، أكد الدبيبة أن العملية تُعد “خطوة حاسمة” نحو إنهاء وجود الميليشيات، وترسيخ سلطة الدولة، قائلاً: “لا مكان في ليبيا إلا لمؤسسات الدولة، ولا سلطة إلا للقانون”.
وقد اثار اغتيال الككلى بعض التداعيات على الارض ، رغم إعلان الحكومة “استعادة السيطرة”، لا تزال أصوات الاشتباكات تتردد في أحياء متفرقة، مما يشير إلى تحديات في فرض الاستقرار الكامل ، طالبت وزارة الصحة برفع جاهزية المستشفيات، بينما علّقت الجامعات والبلديات الدراسة خوفاً من تصاعد العنف.
وتُظهر الأحداث صراعاً خفياً بين مؤسسات حكومة الوحدة (التي يقودها الدبيبة) والمجلس الرئاسي (الذي يتبع له جهاز دعم الاستقرار)، مما يعكس توتراً في تقاسم النفوذ بين الكيانات السياسية.
يُظهر رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في تصريحاته الأخيرة ثقةً عالية بانتصار مؤسسات الدولة، مُشيداً بأداء الجيش والشرطة في بسط الأمن لكنّ هذه الثقة تواجه تحديات، على الرغم من ترحيب بعض الأطراف الدولية بجهود “فرض النظام”، فإن تحذيرات الأمم المتحدة والولايات المتحدة من التصعيد تُضعف الرواية الرسمية.
و يُعتبر نجاح العملية العسكرية اختباراً لقدرة الدبيبة على توحيد ليبيا، لكن استمرار الاشتباكات قد يغذي الشكوك حول فعاليته في إدارة الأزمة.
وتشير التطورات الأخيرة إلى محاولة حكومة الوحدة الوطنية تصفية وجود المجموعات المسلحة المنافسة، وهو ما قد يُعيد تركيز السلطة في يد مؤسساتها، لكن المخاطر قد تدفع العمليات العسكرية الميليشيات إلى شن هجمات انتقامية، خاصة في ضواحي طرابلس مثل غريان وقد تستغل دول إقليمية الفرصة لتأكيد نفوذها عبر دعم فصائل معينة، مما يعقّد المشهد أكثر.
رغم الضجيج الإعلامي حول “انتصار” الحكومة، تبقى طرابلس مدينةً معلقة بين مطرقة الشرعية وسندان الفوضى و نجاح الدبيبة في تحويل العملية العسكرية إلى نقطة تحول يعتمد على قدرته في تحقيق مصالحة وطنية حقيقية، وليس مجرد انتصارات عسكرية مؤقتة.
وفي الوقت الذي تُعلن فيه وزارة الدفاع استدامة الأمن، يبدو أن طريق ليبيا نحو الاستقرار لا يزال محفوفاً بالألغام السياسية والعسكرية.