الحمد لله رب العالمين الذي أنعم الله علينا بنعم لا تحصى ولا تعد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذكرنا بنعمته علينا وأننا لا نستطيع تعدادها وإحصاءها “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله كان إمام الشاكرين حينما قال لعائشة “أفلا أكون عبدا شكورا” فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن من فوائد الإبتلاء بالأسقام هو الإتصاف بصفة الصبر، والصبر هو أوسع العطاء وخير العطاء، وهو ضياء يشرق طريق الهداية ويحرق الذنوب والمعاصي، وهو نصف الدين، وهو صفة الأخيار الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وهو قرين الأعمال الصالحة لا تؤدى إلا به، وهو صفة الأولياء والأنبياء، ثوابه لا يتقيد بعدد بل يوافي أهله أجرهم بغير حساب.
وبه وباليقين تكون الإمامة في الدين، وهو البشارة من رب العالمين، وهو سبب من أسباب دخول الجنة، ومن فوائد المرض أيضا هو مغفرة الذنوب والسيئات حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه” وفي حديث أخر يقول صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها” ويقول صلى الله عليه وسلم أيضا ” ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة” ودخل صلى الله عليه وسلم على أم السائب فقال “ما لك يا أم السائب تزفزفين؟ قالت الحمى لا بارك الله فيها، فقال لا تسبى الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد “
وبالمرض يبلغ الإنسان المنزلة العالية عند الله تعالى ففي الحديث الصحيح “إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها” ويقول “إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله إبتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبر على ذلك حتى يبلغه الله المنزلة التي سبقت له من الله تعالى” وبالمرض يدوم العمل الصالح لأن المريض دائم الذكر، والله تعالى يقول ” فاذكروني أذكركم ” وهو دائم الدعاء والله يقول ” ادعوني استجب لكم ” بل إن المرض سبب رئيس لدخول الجنة يقول صلى الله عليه وسلم ” يقول الرب إذا ابتليت عبدي بحبيبته، أي فقد البصر فصبر عوضته الجنة ” وقال للمرأة التي تصرع إن شئت صبرت ولك الجنة، قالت أصبر وأريد الجنة” ويقول تعالى في الحديث القدسي.
“ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة” ومن فوائد المرض أيضا تطهير القلب من أمراضه، لأن الصحة تدعوا إلى الأشر والبطر والكبر والعجب، والمرض يمنعه من ذلك ويدعوه إلى التواضع والشفقة والرحمة لأنه يشعر بضعفه وحاجته ” وخلق الإنسان ضعيفا ” فيا عباد الله لا يظن أحدكم مما سبق، واعلموا بارك الله فيكم أن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وسلم وشـر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، واعلموا أن الله تعالى أمركم بالصلاة والسلام على النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم، وقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال “من صلى عليّ صلاة، صلى الله عليه بها عشرا”
فاللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الطاهرين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنّا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.