فوضى مالى شرارة تهدد استقرار إفريقيا وتنعكس على الأمن القومى المصرى
بقلم احمد شتيه باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى

تعيش دولة مالي هذه الأيام على صفيح ساخن، بعد تصاعد الصراعات المسلحة بين الجيش والجماعات المتشددة، وسط تراجع النفوذ الفرنسي وتزايد الحضور الروسي، في مشهد يعيد رسم خريطة النفوذ في غرب إفريقيا.
هذه الفوضى لا تقف عند حدود مالي، بل تهدد بامتداد ألسنة اللهب إلى الدول المجاورة، من النيجر وبوركينا فاسو وصولًا إلى تشاد والسودان، لتصبح القارة السمراء أمام موجة جديدة من الاضطرابات الأمنية والسياسية.
ما يحدث في مالي ليس مجرد أزمة داخلية، بل هو انعكاس لصراع دولي على النفوذ والموارد، فالدولة الغنية بالذهب واليورانيوم تحولت إلى ساحة تنافس بين القوى الكبرى.
ومع كل تصاعد في العنف، تزداد الهجرة غير الشرعية، ويتضاعف نشاط الجماعات الإرهابية التي تبحث عن ملاذات جديدة في الصحراء الكبرى، مما يجعل التهديد الأمني يمتد تدريجيًا نحو شمال إفريقيا.
تأثير الأزمة على مصر لا يمكن تجاهله، فكل اضطراب في عمق القارة ينعكس على أمنها القومي. مصر تنظر إلى إفريقيا باعتبارها عمقًا استراتيجيًا، وأي خلل في منطقة الساحل والصحراء قد يفتح الباب أمام تحركات إرهابية أو شبكات تهريب تمتد عبر الحدود الغربية.
كما أن عدم استقرار مالي يضعف الجهود الإفريقية المشتركة في مواجهة التطرف، ويزيد من أعباء القاهرة في حماية حدودها وتأمين مصالحها الاقتصادية مع دول القارة.
من الناحية السياسية، تدرك مصر أن استقرار إفريقيا هو استقرار لمصر، لذلك تشارك بفاعلية في دعم مبادرات الاتحاد الإفريقي، وتعزز التعاون الأمني مع دول الجوار لمواجهة خطر تمدد الإرهاب من الساحل إلى الشمال.
وارى انه يمكن القول إن أزمة مالي ليست أزمة محلية، بل جرس إنذار لإفريقيا كلها وإذا لم يتم احتواؤها سريعًا، فقد تتحول إلى بؤرة صراع مفتوح تهدد الأمن الإقليمي والقاري، بما في ذلك أمن مصر التي تراقب المشهد عن قرب وتتحرك بحكمة لحماية مصالحها في القارة.



