
متابعة أشرف ماهر ضلع
عقب هجوم بيرل هاربر المباغت يوم 7 كانون الأول/ديسمبر 1941، حققت البحرية اليابانية تقدما سريعا ضد الحلفاء على ساحة المحيط الهادئ حيث استولت الأخيرة في غضون أسابيع على العديد من المستعمرات البريطانية والأميركية.
وعلى حسب ما توقعه عدد من كبار الأميرالات بالبحرية اليابانية من أمثال الأميرال إيزوروكو ياماموتو (Isoroku Yamamoto)، انقلب الوضع ضد اليابان بعد مضي أشهر فقط عن تحول النزاع نحو المحيط الهادئ. فمع دخول الولايات المتحدة الأميركية، ومصانعها، الحرب بشكل كامل، واجه اليابانيون مصاعب عديدة. وقد تجسدت هذه المصاعب خلال معركة ميدواي (Midway)، بشهر حزيران/يونيو 1942، التي مهدت لبداية انهيار البحرية اليابانية.
وخلال شهر نيسان/أبريل 1945، تلقت البحرية ضربة قاضية وصفها كثيرون برسالة واضحة حول قرب سقوط اليابان ونهاية الحرب. فبتلك الفترة، أغرق الأميركيون البارجة الحربية ياماتو (Yamato) التي مثلت فخر الصناعة الحربية اليابانية.
مسيرة البارجة ياماتو
أملا في زيادة حجم أسطولها، اتجهت البحرية اليابانية عام 1937 لبناء أكبر وأثقل بارجة حربية، وأكثرها قوة نارية، بالتاريخ. وبحوض بناء السفن المعروف بترسانة كوري البحرية (Kure Naval Arsenal)، باشر اليابانيون العمل على بناء البارجة الحربية ياماتو ضمن واحد من أكبر المشاريع المكلفة بتاريخ اليابان. وبحوض بناء السفن ميتسوبيشي (Mitsubishi) بناغازاكي خلال نفس الفترة، باشر اليابانيون عملية بناء بارجة ثانية، لقبت بالسفينة الشقيقة لياموتو، حملت اسم موساشي (Musashi).
بحلول يوم 8 آب/أغسطس 1940، أنزلت البارجة الحربية ياماتو بالماء. وبحلول يوم 16 كانون الأول/ديسمبر 1941، دخلت الأخيرة الخدمة بشكل رسمي بالبحرية اليابانية.
حسب التصاميم، بلغ طول البارجة ياماتو 263 مترا بينما قدر وزنها بحوالي 71659 طنا عقب شحنها بالأسلحة. وقد زودت هذه البارجة بمحركات خولت لها بلوغ سرعة قصوى قدرت بنحو 27 عقدة. ومن جهة التسليح، امتلكت ياماتو، عند إطلاقها عام 1941، 3 مدافع عيار 460 ملم و4 مدافع عيار 155 ملم و6 مدافع عيار 127 ملم و8 مدافع عيار 25 ملم. وإضافة لدفاعاتها الجوية، كانت ياماتو قادرة على نقل 7 طائرات مائية حربية من نوع ناكاجيما إي 8 إن (Nakajima E8N) أو ناكاجيما إي 4 إن (Nakajima E4N). وبفضل حجمها وتسليحها، وصفت ياماتو بأكبر بارجة حربية، وأكثرها قوة نارية، بالتاريخ.
صورة للبارجة ياماتو ومدافعها اثناء عملية صناعتها
مع دخولها الخدمة، استخدمت البارجة ياماتو كسفينة قيادة حيث اعتمد عليها الأميرال ياماموتو كمركز قيادة بمعركة ميدواي. وبالفترة التالية، تنقلت ياماتو بين القواعد البحرية دون أن تشارك بأية معارك تذكر. وعقب تعرضها لإصابة بسبب طربيد أميركي أواخر 1943، أجريت العديد من التعديلات على البارجة ياماتو عن طريق إضافة العشرات من المدافع المضادة للطائرات إليها.
سنة 1944، شاركت ياماتو بشكل مقتضب بالمعارك بالفلبين وخليج ليت. وخلال شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه، أغرقت البارجة ياماتو حاملة الطائرات الأميركية غامبييه باي (Gambier Bay) والسفينتين الحربيتين جونستون (Johnston) وهويل (Hoel) بالمعارك قبالة جزيرة سامار (Samar).
غرق البارجة ياماتو
خلال العام 1945، عانت اليابان من شح كبير بمصادر الطاقة. وبسبب ذلك، واجهت البحرية اليابانية مصاعب في تزويد سفنها بالوقود. ومع اقتراب الأميركيين من جزرها الرئيسة، أطلقت اليابان خلال العام 1945 العنان لعملية عسكرية انتحارية هائلة لصد الأميركيين.
مطلع نيسان/أبريل 1945، أبحرت البارجة ياماتو رفقة بعض المدمرات اليابانية بمهمة انتحارية، دون عودة، لصد التقدم الأميركي. ومنذ مغادرتها للموانئ اليابانية، أصبحت البارجة ياماتو برادارات البحرية الأميركية التي تابعت تحركاتها عن كثب بفضل طائرات الاستطلاع.
جنوب جزيرة كيوشو (Kyushu) يوم 7 نيسان/أبريل 1945، اعترضت غواصات وطائرات حربية أميركية طريق الأسطول الياباني الذي تواجدت ضمنه البارجة ياماتو. وبداية من الساعة الثانية عشرة والنصف بعد الزوال، تعرض الأسطول الياباني لموجة قصف جوي أولى تلتها موجة ثانية بعد نحو نصف ساعة فقط. ومع حلول الساعة الثالثة عشرة وأربعين دقيقة، تعرض اليابانيون لموجة قصف ثالثة.
خلال هذا القصف، تلقت البارجة ياماتو 7 طربيدات وبدأت بالغرق. وبالموجة الرابعة، تلقت الأخيرة طربيدات أخرى اخترقت دروعها وانفجرت بالقرب من مخازن الذخيرة. ومع غرقها نحو القاع، شهدت البارجة ياماتو العديد من الانفجارات وهو ما تسبب في ظهور فطر دخاني هائل بلغ ارتفاعه 6 كيلومترات. وحسب بعض المصادر، شوهدت الانفجارات على متن ياماتو من جزيرة كيوشو على بعد 160 كلم.
مع غرقها، كانت البارجة ياماتو قد تلقت 6 قنابل و11 طربيدا. ومن ضمن طاقمها المتألف من 3332 جندياً نجا 277 فقط.