
سعيد رضواني.
قراءة نقدية لقصة “لقاء مع بورخيس” للكاتب سعيد رضواني.
بقلم الناقد: عبد الرحيم التدلاوي.
(الأبعاد الخفية في العلاقة):
قصة “لقاء مع بورخيس” ليست مجرد حكاية عن شخص يقابل كاتبه المفضل.
بالنسبة لي،أراها كأنها غوص عميق في علاقتي بأي شخص أعتبره قدوة،
وكيف يتحول هذا الإعجاب إلى أسئلة كبيرة عن نفسي،
عن ذاكرتي، عن فهمي للعالم وحدود ما أعتبره حقيقيًا.
في صميم هذه الحكاية، يقف هذا “الأنا” أمام بورخيس،
وشعور غريب يملأني
وأنا أقرأ: هل هو مجرد معجب صغير، أم أنه يحاول أن يكون ندًا لهذا العملاق الأدبي؟
هل هذا اللقاء حقيقي أم أنه مجرد حلم أو فكرة تدور في رأسه؟ القصة لا تعطي جوابًا واضحًا، وهذا يزيد من الغموض.
فكرة المرايا والكائن الثالث الذي يتكون من روحيهما تجعلني أفكر: أليس بورخيس هنا مجرد صورة في ذهني،
انعكاس لذاتي المشتتة، أو ربما هو صوت أفكاري الداخلية التي ألبستها قناع شخص آخر؟
أو ربما هو ببساطة تأثير إرث بورخيس الأدبي عليّ؟
في البداية، شعرت بأن هذا “الأنا” يقف مبهورًا أمام قامة كبيرة،
لكن هذا الإعجاب سرعان ما يتحول إلى رغبة في إثبات وجوده،
في أن يكون للحوار توازن لا يخلو من خوف من أن يطغى عليه تأثير بورخيس.
كلماته التي تشبه التحدي: “كتب الأدب هي آخر ما ينفعنا في كتابة الأدب”،
تبدو كمحاولة لكسر سلطة المرجع، للبحث عن صوتي الخاص. لكن في العمق، يبقى هذا الاحتياج للاعتراف
، كأنه يختبر نفسه في هذا اللقاء: هل أملك العمق الكافي لأجلس وأتحدث مع شخص بمكانة بورخيس؟
شخصية بورخيس نفسها تبدو لي كأنها تحمل وجهين في القصة.
هناك صورة الشاعر والمفكر المعروف،
لكن هناك أيضًا لمحات لشيء أعمق، شيء لا يُقال بوضوح.
إشارة عابرة لضعف بصره تفتح بابًا للتفكير:
هل أثر هذا العمى على نظرته للعالم؟ على علاقته بفكرة المرايا؟
أليس هذا التجريد واللعب بالزمن والاحتمالات جزءًا من طريقته الفنية لتعويض غياب الضوء؟
أحيانًا يبدو بورخيس كأنه يعيش في عالمه الخاص، مشغولًا بأفكاره أكثر من انشغاله بالحديث. ليس تهربًا،
بل حضور حذر، كأنه يتعامل مع ظل من نفسه، وليس مع العالم الخارجي.