مقالات وآراء

قسد واستغلال التنافس الإقليمي والدولي

 

تم تأسيس ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية في أواخر عام 2014 بدعم من الغرب “التحالف الغربي” وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية وهي عبارة عن ميليشيات مسلحة جاءت من خارج الحدود السورية، ويعنبر الجناح العسكري لحزب العمال الديمقراطي “p.k.k” العمود الفقري لها.

والحقيقية أن ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية هي غطاء لهذا الحزب وهي صاحبة القرار في شرقي الفرات، وقد أقر مظلوم عبدي بوجودهم متعهداًبإخراجهم من شرقي الفرات، وجاء هذا الاعتراف بعد سنوات من الانكار بعدم وجودهم، والحقيقة أن أي قوة كردية سوريا لم ولن تستطيع القيام بهذا الدور لأن ال “p.k.k” استطاع خلال السنوات السابقة استغلال التنافس الإقليمي والدولي لترسيخ سيطرته الفعلية على جميع مفاصل القرار مستغلاً خبرته الطويلة في الصراع مع تركيا والتي امتدت لأكثر من خمسون سنة، فقد تعاون هذا الحزب المدرج على قوائم الإرهاب في بداية الثورة السورية مع النظام البائد الذي قام بتسليمه الحسكة والقامشلي والريف الشمالي لمحافظة حلب وتزويده بالسلاح وهذا ما أقر به ممثل النظام في الأمم المتحدة أمام مجلس الامن “بشار الجعفري” وكان هدف النظام البائد من ذلك هو الضغط على تركيا من جهة ومن جهة أخرى خلق الفتنة بين الكرد السوريين وباقي مكونات الشعب السوري،والحقيقة نجح النظام في استمالتهم إلى صفه وجعلهم خنجر في خاصرة الثورة السورية، وقد استمرت العلاقة بينهم طوال مدة ما قبل سقوط النظام، وتطورت لتشمل التعاون الاقتصادي في بيع النفط وتقديم الخدمات المتبادلة بل إن النظام قبل سقوطه قام بتسليم جميع مقراته في الحكسة والقامشلي البعيدتين عن قوات ردع العدوان إلى قسد “p.k.k، وأيضاً قام بتسليمهامناطق غرب الفرات في محافظة دير الزور “مركز المدينة” قبل أن تقوم قوات ردع العدوان بطردهم.

لقد استفادت قسد من التنافس الإقليمي والدولي القائم في سوريا ونسجت علاقات مع جميع القوى الفاعلة بالملف السوري حتى تلك القوى التي بينها شيء من الصراع، حيث نجدها تقيم علاقات جيدة مع روسيا التي هي خصم راعية قسد “أميركا” مستفيدةًمن نفوذها الذي كان قوة قبل سقوط النظام البائد، كما إنها تتلقى بعضاً من دعم الإعلام العربي تحت عناوين مختلفة، بل رشح في الآونة الأخيرة أنها أصبحت تتلقى دعم إيران لأجل التأثير في الحالة السورية الجديدةوكسب موطئ قدم.

والان بعد سقوط النظام البائد ازدادت أهمية قسد “p.k.k” لأجل التأثير في مستقبل سوريا الجديدة حيث لم يعد لدى أي جهة إقليمية او دولية يهمها التأثير على الساحة السورية الجديدة ومستقبلها سوى قسد،لذا نجدها ترفض جميع الحلول التي قدمتها لها الإدارة الجديدة وهذا راجع الى إدراكها دورها في التنافس الإقليمي والدولي الذي لا يخدم مصالح الأخوة الكرد السوريين الذين كان لهم دور تاريخي في استقلال سوريا من الاستعمار الفرنسي مع باقي إخوانهم السوريين بكافة مكوناتهم الإثنية، فهم جزء من الشعب السوري ولهم حق بالتمتع بجميع حقوقهم الخاصة والعامة دون أي تمييز وهذا يكون من خلال المشاركة في إعداد الدستور الجديد الضامن لحقوقهمالمشروعة، وليس قوة السلاح واستغلال الصراع الإقليمي والدولي الذي لن يضمن لهم شيء فهو يتغير بتغير الظروف ولنا في النظام البائد خير مثال.

لم يتعرض السوريون الكرد إلى أي اضهاد أو تمييز أو إساءة من أي من مكونات الشعب السوري الأخرى، بل كان الجميع ضحية بطش واضطهاد النظام البائد ودليل ذلك تولي ثلاثة رؤساء من الاخوة الكرد رئاسة سوريا بعد الاستقلال من الاستعمار الفرنسي، ولدى قيام الدولة الوطنية وقبل أن يستولي النظام البائد على مقاليد الحكم ويحتكر هو وعائلته السلطة ويحرم جميع السوريين من كافة المكونات الكردية وغير الكردية من حق المشاركة في إدارة البلاد، أما القول إن شرقي الفرات يمكن أن يكون إقليماً مستقلاً أسوة بكردستان العراق فهو أمر يدعو للدهشة، لأن تجربة الكرد العراقيين تختلف جذرياً عن أي حالة أخرى، فهي كانت قائمة منذ تشكل الدولة العراقية ولها طابع جغرافي وديمغرافي مختلف تماماً عن حالة الأخوة الكرد في سوريا حيث يشكل العرب في شرقي الفرات أكثر من 90% من السكان أضف الى أن حزب “p.k.k” ليسوا من أكراد سوريا بل جاؤوا من خارج الحدود ولا يمثلون الأخوة الكرد الذين يمثلهم حقاً المجلس الوطني الكردي ذو الطرح الوطني، إنما تحاول هذه الميليشيات إجبارهم على الانصياع لها كونها القوة الرئيسية المسيطرة على قسد، وقد قامت بقتل عدد من الكرد السوريين الوطنيين وعلى رأسهم المناضل مشعل التمو،وطاردت البعض الاخر الذي اضطر إلى مغادرة البلاد خشية من القتل أو السجن، وآن الأوان للأخوة الكرد السوريين الانضمام إلى سوريا الجديدة التي تتسع لجميع أبنائها بجميع مكوناتهم وأطيافهم لبناء بلد جديد يقوم على العدل والمساواة وحرية الرأي.  

                                               المستشار/  أسعد محمود الهفل

عادل سعد عبيد

رئيس مجلس إدارة شبكة الصوت الإخبارية ورئيس تحرير موقع وجريدة الصوت المصرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock