مقالات وآراء

قمة ألاسكا : عرض دبلوماسي من دون قفزة نحو السلام

جريدة الصوت

بقلم احمد شتيه

باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى

اجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، في أول لقاء وجهاً لوجه بينهما منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 ، رغم الديكور الدبلوماسي الفاخر بسجادة حمراء وعروض جوية اللقاء لم يسفر عن أي اتفاق لوقف إطلاق النار .

الرئيسان وصفا المحادثات بأنها “بناءة” و”مثمرة”، لكنهما تجنّبا الخوض في تفاصيل، في حين أكّد ترامب بأنه لا يوجد “اتفاق حتى يكون هناك اتفاق” ، في حين شدّد بوتين أن “الأسباب الجذرية” للصراع يجب معالجتها أولاً .

والسؤال الذى يطرح نفسه هل هذه خطوة كبيرة نحو حل الصراع؟
الجواب الفعلي: لا على الرغم من شعور ترامب بالتفاؤل بأنه “قريب من اتفاق” ، فإن الواقع المؤلم هو غياب أي تقدم فعلي، مما يجعل من القمة حدثًا دبلوماسيًا شكليًا أكثر من كونه تحولًا جوهريًا .

كلا الطرفين سعا لتحقيق مكاسب دبلوماسية اكبر من تحقيق حلول على الارض ، فبوتين حصل على مكسب رمزي يتمثل في استعادته حضورًا دولياً معترفاً به أول زيارة له للولايات المتحدة منذ عشر سنواتووُصِف اللقاء بأنه فرصة لتعزيز صورته على الساحة العالمية .

ترامب يبدو مدفوعًا بحافز سياسي وسياسيته الداخلية لتعزيز مكانته كراع للسلام، لكنه لم يحصل بدوره على تفاهمات عملية واضحة أو التزامات ملموسة من روسيا .

والسؤال الاهم هل سنشهد قريبًا نهايةً للصراع؟
من غير المرجّح حدوث ذلك في المدى القريب ، القمة لم تسفر عن إطار زمني واضح أو خطة تنفيذية بل على العكس، استمرار الصراع وتصاعد التفاصيل الفنية للدبلوماسية يعكسان استمرار التوتر وعدم الجاهزية لحل ملموس .

وارى انه بقدر البهرجة البصرية والدبلوماسية التي ارتبطت بلقاء ترامب وبوتين في ألاسكا، إلا أن المضمون يفتقر إلى العمق السياسي والتسوية العملية.
هذا الحدث يُذكرنا بأن إعادة إنتاج صور الزعامة والتقارب السياسي لا يجعل السلام حقيقة ما لم يُصبغه الاتفاق على أرض الواقع.
ورغم أن ترامب يحاول تقديم القمة باعتبارها خطوة أولى، إلا أن بوتين يبدو مهتمًا أكثر بإعادة تأكيد مكانته، دون تقديم تنازلات واضحة.

في هذا السياق، يبقى المشهد أكثر إثارة من تأثير، والقصة هنا تشبه عرضًا من دون نهاية درامية ، فقط فلاشات وإشارات ، هذه القمة، من الناحية الصحفية، تجربة درامية دبلوماسياً ولكنها بلا قصة عملية تُروى حتى الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock