دين ومجتمع

كل عمل يقوم به الإنسان عبادة 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، وأضل بحكمته وهدى، ومنع وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن إهتدى أما بعد إن الإسلام يعتبر سعى الإنسان على نفسه وولده جهادا وعبادة يثاب عليها في الآخرة، ولو فطن كل فرد إلى هذه الحقيقة لما تواني لحظة في أداء عمله،

بل إنه يسارع إلى أداء عمله بجودة وإتقان وإخلاص، لا من أجل الحصول على المال فسحب وإنما من أجل الثواب الجزيل والأجر العظيم الذي أعده الله له في الآخرة، فالدين يجعل كل عمل يقوم به الإنسان عبادة،

ما دام يلتزم فيه بما يرضي الله رب العالمين، فالتجارة مثلا عبادة، إذا بعد الإنسان في أثناء مزاولتها عن الغش والكذب والإستغلال والربا.

وكذلك سائر الأعمال الدنيوية الأخرى ما دام الإنسان يبتعد في أثناء مزاولتها عن مساوئ الأخلاق، وهذا حافز للإنسان على إتقان عمله وتحسين سلوكه في الحياة، وتقوية صلته بالله تعالي، لأن الدين يروى في سلوك المتدينين به، وهو الذي يعد الإنسان ويجعله صالحا للسير في الحياة على صراط الله المستقيم،

مما يجعله أهلا لكي يكون خليفة الله في الأرض، فيؤدي رسالته لتعمير الأرض، وإقامة شريعة الله فيها، ويؤخذ من كل ما سبق أن العمل عبادة، وهذه عبارة صحيحة في ميزان الشرع ولكن يضاف لها إضافة بسيطة وهي أن العمل عبادة في غير وقت العبادة، لأن كثيرا من الناس يتركون الصلاة بحجة العمل عبادة، لذلك وقت الله الصلاة بوقت فقال تعالى ” إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا ” وأمرك أن تترك تجارتك وعملك وتهرع إلى الصلاة.

كل عمل يقوم به الإنسان عبادة 

لأن هذا الوقت ملك لله ويحرم فيه بيع أو شراء أو عمل، وقال الإمام ابن كثير لما حجر الله عليهم في التصرف بعد النداء بيعا وشراء وأمرهم بالإجتماع، أذن لهم بعد الفراغ في الإنتشار في الأرض والإبتغاء من فضل الله تعالي، كما كان عراك بن مالك رضي الله عنه إذا صلى الجمعة إنصرف فوقف على باب المسجد، فقال اللهم إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وإنتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين، لهذا اتفق العلماء رضي الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني، وإختلفوا هل يصح إذا تعاطاه متعاط أم لا؟ على قولين، وظاهر الآية عدم الصحة كما هو مقرر في موضعه، والله أعلم، وكان أحد الصالحين يعمل حدادا فإذا سمع الأذان لا ينزل المطرقة على السندان حتى يستجيب لنداء الله، لأن المؤذن يقول الله أكبر، أي أكبر مما في يدك.

وقد عاتب الله تعالي بعض الصحابة لما انشغلوا بالتجارة وتركوا سماع الخطبة، فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب في الناس، إذ قدم المدينة عير تحمل تجارة، فلما سمع الناس بها، وهم في المسجد، انفضوا من المسجد، وتركوا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إستعجالا لما لا ينبغي أن يستعجل له، فأنزل الله تعالي ” وإذا رأوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين ” فلا ينبغي للعبد أن ينشغل بالدنيا وما فيها ويترك العبادة، لأن الله سخر كل هذه المخلوقات الكونية لخدمة الإنسان ليستعين بها على طاعة الله لا لتشغله عن عبادته، وقد جاء في الأثر الإلهي، عبدي خلقتك من أجلى، وخلقت الأشياء كلها من أجلك، فلا تنشغل بما هو لك عما أنت له، إذن “العمل عبادة في غير وقت العبادة “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock