يبدو أن الحديث عن دور المغرب فى الأحداث الحالية لا سيما ما يتعلق بقطاع غزة يستدعى توضيح الصورة التاريخية والسياسية للمملكة المغربية وما يمكن أن تقوم به اليوم مقارنة بما فعلته عبر العصور.
فالمغرب على مر القرون لم يخرج عن سياسة متوازنة فى مواجهة الصراعات الإقليمية ولم يشن غزوات خارج حدوده ولم يضع نفسه فى مواجهة مباشرة مع القوى الكبرى بل اعتمد في معظم الأحيان على الدبلوماسية والتحالفات الذكية للحفاظ على مصالحه وأمنه القومى.
ما نراه اليوم من التطورات فى غزة ليس انقلابًا على هذا المسار التاريخى بل استمرار لنفس النهج المعتدل الذي اتبعه المغرب على مدى عقود.
الجيش المغربى الذى تطور على مدار السنين يركز جهوده داخليًا على حماية حدود المملكة وتأمين مصالحها الاستراتيجية ومواكبة التحديات الأمنية وليس على الانخراط فى نزاعات خارجية بشكل مباشر.
إرسال بعض المقاتلين للدعم الإنساني أو الانضمام إلى عمليات محدودة تحت مظلة تحالفات أو تيسير جهود معينة لا يشكل انقلابًا على سياسة المغرب ولا يعكس رغبة فى خوض حرب شاملة خارج الأراضى المغربية.
فالمغرب يدرك جيدًا أن أي مغامرة خارجية من هذا النوع سيكون لها عواقب خطيرة على استقراره الداخلى وأمنه الإقليمى.
فى الوقت ذاته التهويل من احتمالات مشاركة الجيش المغربى بشكل مباشر مع جيش الاحتلال الصهيونى فى غزة هو أمر مبالغ فيه.
المغرب معروف على الساحة الدولية بموقفه الداعم للقضية الفلسطينية عبر الوسائل الدبلوماسية والإنسانية لكن لا يمكن أن يتجاوز هذا الدور إلى المشاركة العسكرية المباشرة.
الخلاصة هى أن المغرب يستمر فى نهجه التاريخى المعتدل فى التعامل مع الصراعات الإقليمية ويوازن بين دوره الإنسانى والدبلوماسى وحماية مصالحه الوطنية وبالتالى لا داعى للقلق بشأن أى مشاركة غير تقليدية أو مغامرة عسكرية قد تغير طبيعة السياسة المغربية الراسخة.