صحف وتقارير

مبادرة حياة كريمة ودورها في الريف المصري

بقلم: أشرف ماهر ضلع

 

 

في زمنٍ كانت فيه القرى المصرية تئنُّ تحت وطأة الإهمال، وتلوّح بيدها إلى الدولة طلبًا لنسمة تغيير، جاءت مبادرة حياة كريمة لتكون أشبه بموعد طال انتظاره؛ موعد بين الدولة وأبنائها، يعيد للريف المصري روحَه، وللإنسان كرامته، وللأرض سيرتها الأولى.

 

لقد ظلّ الريف لعقود طويلة يحمل على كتفيه أعباء الوطن بصبر الفلاح، ويُطعم المدن دون أن يجد هو ما يسند جدرانه المتشققة، أو يمد طرقه الضيقة، أو يضيء لياليه المعتمة. حتى انطلقت المبادرة بوصفها أكبر مشروع تنموي في تاريخ مصر الحديث، مشروعًا لا يرمّم جدرانًا فقط، بل يعيد تشكيل الوعي، ويبعث الأمل، ويرسم خريطة جديدة لحياة جديدة.

 

حياة كريمة… حين يزور الضوء القرى المنسية

 

لم تكن المبادرة مجرد شعارات أو لافتات، بل كانت حضورًا فعليًا للدولة داخل كل نجع وقرية وكفر.

رأينا في قرى المنوفية والدلتا والصعيد كيف تحوّل الطريق الترابي إلى شارع يليق بكرامة الإنسان.

رأينا شبكات صرف طال انتظارها، ومياهًا نقية تعود إلى البيوت بعد عقود من المعاناة.

رأينا مدارس تُشيَّد، ووحدات صحية تُجهَّز، ومنازل تُرمَّم، وكأن الريف كله ينهض دفعة واحدة من سباته الطويل.

 

ولم يعد الفلاح ابن الريف يشعر أنه في الهامش، بل أصبح في قلب الخطة الوطنية، حيث تُدار مشروعاته، وتُدعم صناعته، وتُفتح له آفاق العمل والتدريب، ليصبح شريكًا حقيقيًا في التنمية وليس مجرد متلقٍّ لوعودٍ عابرة.

 

من تحسين الخدمات إلى إعادة بناء الإنسان

 

ميزة المبادرة أنها لا تتوقف عند البنية التحتية، بل تمتد إلى البنية الإنسانية.

فهي تعلّم الطفل قبل أن يُمسك القلم، وتداوي المريض قبل أن يطرق باب الوحدة الصحية، وتوفر للمرأة معملًا أو مشروعًا صغيرًا يقيها العوز، ويمنحها استقلالًا اقتصاديًا كريمًا.

هنا يتحول الريف من منطقة مهمَّشة إلى مجتمع نابض بالحياة، قادر على إنتاج المعرفة والعمل والإبداع.

 

الريف… حين يعود إلى صدارة المشهد

 

لم يكن الريف يومًا بعيدًا عن روح مصر، بل كان قلبها الأخضر الذي ينبض بالخير.

واليوم، بفضل حياة كريمة، عاد الريف ليجلس في الصف الأول من المشهد الوطني.

وبدأنا نرى شبابًا لم يغادروا قراهم بحثًا عن فرصة في العاصمة؛ لأن الفرصة جاءت إليهم، مصحوبة بالطرق والجسور والخدمات وحاضنات الأعمال.

 

المبادرة… فلسفة دولة ورؤية قيادة

 

إن “حياة كريمة” ليست مشروعًا تنمويًا عابرًا، بل فلسفة دولة تؤمن بأن العدالة الاجتماعية ليست شعارًا، وأن التنمية يجب أن تصل إلى آخر بيت في آخر قرية على امتداد الوادي والدلتا.

وهي كذلك رؤية قيادة أرادت أن تكتب تاريخًا جديدًا عنوانه:

“إنسان يستحق حياة كريمة… ووطن يعرف كيف يصنع المستحيل.”

 

الريف ينهض، ومصر الجديدة تتشكل

 

ما يحدث اليوم في الريف المصري ليس مجرد تحسين خدمات، بل إعادة صياغة كاملة لشكل الحياة.

إنه وعدٌ يتحقق، وحلمٌ ينهض على الأرض، وتجربة تُدرَّس في كيفية صناعة التنمية من الجذور.

ومع كل قرية تُضاء، وكل مدرسة تُفتتح، وكل جسر يُبنى، ندرك أن مصر تمضي بثبات نحو مستقبل لا يُقصي أحدًا، ولا يترك بيتًا خلف الركب.

 

هكذا تُكتب الحكاية…

حكاية الريف الذي عاد من الغياب، والإنسان الذي استعاد كرامته، والوطن الذي قال لأبنائه:

“لن أترككم وحدكم… فأنتم قلب مصر وروحها.”

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock