
نظَّم فرع مجلس حكماء المسلمين في إقليم آسيا الوسطى المائدةَ المستديرةَ رفيعة المستوى الثانية بعنوان «الإعلام وصحافة السلام في عصر الذكاء الاصطناعي»، وذلك في بيت الصَّداقة بمدينة ألماتي، بالتعاون مع مجلس الشيوخ في برلمان جمهوريَّة كازاخستان والمركز الدولي للحوار بين الأديان والثقافات، وبمشاركة صُنَّاع قرار وأكاديميين وصحفيين وخبراء إعلام من آسيا الوسطى .
وافتُتحت أعمال المائدة المستديرة بكلماتٍ ترحيبيَّةٍ ألقاها السيناتور الدكتور دارخان كوانديكولي قيديرالي، عضو مجلس الشيوخ والمشرف العام على مكتب مجلس حكماء المسلمين في آسيا الوسطى؛ حيث تلا رسالة تهنئة من معالي مولين أشيمباييف، رئيس مجلس الشيوخ الكازاخي، أكَّد خلالها أنه في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة، باتت مسؤولية الإعلام والالتزام بالمعايير الأخلاقيَّة وتعزيز السرديات الداعمة للسلام عوامل حاسمة في ترسيخ الانسجام والاستقرار المجتمعي، مشيرًا إلى أهميَّة تعزيز الثَّقافة الإعلاميَّة وبناء الثقة المجتمعيَّة عبر صحافة مسؤولة .
وخلال كلمته، أعرب الدكتور قيديرالي عن شُكره لجميع المشاركين والمنظمين، موجِّهًا تقديرًا خاصًّا إلى مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطَّيب، شيخ الأزهر الشريف، وسعادة الأمين العام للمجلس المستشار محمد عبد السلام، وفرع المجلس في إقليم آسيا الوسط؛ للدعم المستمر لمبادرات بناء السَّلام وتعزيز الحوار في المنطقة .
كما أُلقيت كلمة ترحيبيَّة أخرى من قبل السيناتور غلسانا كاربيكوفنا كوجاباي، عضو مجلس الشيوخ ، التي تلت رسالة تهنئة من نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الثقافة والإعلام في جمهوريَّة كازاخستان، عايدة غ. بالايفا، أكَّدت فيها أن تطوير صحافة السلام وترسيخ الممارسات الإعلاميَّة الأخلاقيَّة أصبح ضرورة ملحَّة لمواجهة التَّضليل الإعلامي وخطاب الكراهية والاستقطاب الاجتماعي في العصر الرقمي. وأشارت إلى تنامي دور الذَّكاء الاصطناعي في تشكيل الرَّأي العام، والحاجة إلى أطر أخلاقية واضحة تنظِّم استخدامه .
وفي كلمتها، أعلنت غلسانا كوجاباي عن خططٍ لتنظيم مؤتمر دولي واسع النطاق مطلع عام 2026، بدعم من مجلس الشيوخ ومجلس حكماء المسلمين، داعيةً جميع الجهات المعنية إلى المشاركة الفاعلة في هذه المبادرة المرتقبة .
وخلال الجلسة الموضوعيَّة، أعربت السيناتور بيبيغول جيكسينباي عن شكرها للمنظمين والمشاركين، مؤكدةً أهمية التعامل الجاد مع التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي والإعلام الحديث، وضرورة تحويل النقاشات المتخصصة إلى أفكار عملية قادرة على الوصول إلى الجمهور العام، و أنَّ الحوار ينبغي أن يمتد ليس فقط بين الأديان، بل أيضًا بين الدول والثقافات، مع تأكيد أهميَّة لغة السلام في الخطاب العام، مستشهدة بمقولة الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف: “أن الاستقرار الاجتماعي يمثِّل الركيزة الأساسية لأي مجتمع مستدام” .
من جانبها، ركَّزت جولديزاي يسكاكوفا، رئيسة مجلس إدارة معهد كازاخستان للتنمية الاجتماعية، على مظاهر التفكك الاجتماعي، مشيرةً إلى التغيرات المتسارعة التي يشهدها المجتمع، وتراجع مستويات الثقة بين الأفراد، وانتشار خطاب الكراهية، وضعف الروابط الاجتماعيَّة؛ حيث بات الناس أقل تفاعلًا مع جيرانهم وحتى أقاربهم مقارنة بالماضي .
وفيما يتعلَّق بتأثير التكنولوجيا، أكدت أيغول سادفاكسوفا، مديرة معهد الفلسفة والعلوم السياسية والدراسات الدينية، أنَّ الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا متزايدًا في توجيه الأجندات الإعلامية، لافتةً إلى أن خوارزميات الأخبار تميل أكثر إلى القيم الفردية، في وقت لا تزال فيه الهواتف الذَّكية وأمن المعلومات عرضة للاختراق. وأوضحت أن صحافة السلام غالبًا ما تفتقر إلى الجاذبية العاطفية والمحتوى القائم على التحفيز السريع، ما يجعلها أقل انتشارًا مقارنة بالأخبار السلبية أو المثيرة .
وخلال جلسة النقاش، أكَّد سرايل سمايل، رئيس تحرير صحيفة جاس قازاق، أن العالم يشهد اليوم شكلًا من أشكال الحروب الهجينة، تلعب فيها المعلومات دورًا حاسمًا، محذِّرًا من أنَّ الأخبار باتت تُبث شبه مباشرة ومن دون تمحيص تحريري كافٍ، الأمر الذي يشكل مخاطر جسيمة على وعي الجمهور والاستقرار المجتمعي .
واختُتمت أعمال المائدة المستديرة بنقاشٍ مفتوحٍ، جرى خلاله بلورة مجموعة من التوصيات الهادفة إلى تعزيز المعايير الأخلاقية للعمل الإعلامي، ودعم صحافة السلام، وضمان الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في الفضاء المعلوماتي .



