فن وثقافة

انفراد خاص للنجمة سيمون: رحلة قلب لولي لا يعرف التوقف

الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر

في عالم الفن الذي يضجّ بالصخب والتغيرات المستمرة، تظلّ بعض الأسماء محفورة في الوجدان لا لأنها فقط قدمت أعمالًا فنية ناجحة، بل لأنها تركت أثرًا إنسانيًا وجماليًا لا يُمحى، ومن بين هذه الأسماء، تتربع النجمة سيمون على عرش خاص جدًا، عرش من المحبة، والصدق، والإخلاص في العمل.

سيمون لم تكن يومًا فنانة عابرة أو موجة مؤقتة، بل كانت دائمًا وما زالت، أيقونة فنية وإنسانية نادرة، تجمع بين الموهبة الحقيقية والنية الطيبة التي تصاحبها في كل خطواتها.

وكما قالت ذات مرة في واحدة من رسائلها الملهمة: “القلوب الجميلة والنية الطيبة هما سر جمال هذه الحياة.”، وهي عبارة تختصر فلسفتها في العيش، وفي الفن، وفي التعامل مع الناس.

رحلة بدأت بالغناء… واستمرت بالإبداع في كل الاتجاهات

منذ بدايتها الفنية، لم تأتِ سيمون إلى الساحة صدفة، ولم تدخلها بحثًا عن شهرة أو أضواء زائفة، بل جاءت محمّلة بشغفٍ خالص للفن، وبصوتٍ استثنائي يحمل بين طبقاته دفء المشاعر وصدق الإحساس، فالغناء كان أول نداء قلبها، وكانت تجيد الاستماع إليه.

هي لم تنسَ أصلها يومًا، تقول: “منذ البداية وأنا اجتهد قدر استطاعتي في الفن… الغناء لأنني مغنية في الأساس، والتمثيل عندما تتاح أفكار وأداء يناسبني ويناسب أفكاري.

وهذا ما يعكس وعيها العميق بذاتها وهويتها الفنية، فهي لا تلهث خلف الأدوار، بل تنتقي ما يتناسب مع رؤيتها ومبادئها، لأنها تؤمن أن الفن الحقيقي ليس فقط ما يُعرض، بل ما يُقال بصدق وما يُحسّ بعمق.

سيمون… الفنانة التي تحتضن الفن كما تحتضن الحياة

ليست سيمون مجرد مغنية أو ممثلة ناجحة، بل هي حالة إنسانية نادرة، تعيش الحياة بشغف ووعي عميقين، وتواجهها بتفاؤل مشبع بالإيمان والثقة، فقد كتبت في أحد منشوراتها: “الثقة المطلقة هي وقود التفاؤل بالحياة، الرحلة ستنتهي في أي لحظة.”، هذه العبارة لا تعكس فقط رؤيتها الشخصية، بل تكشف لنا عن تلك الفلسفة الحياتية التي جعلتها قادرة على الاستمرار، رغم الصعوبات، ومواجهة الظروف، مهما تبدلت الأحوال، بثبات القلب ونقاء النية.

قلبي_اللولي… ما بين الحلم والفكرة

تعود سيمون بين حين وآخر لتُطلّ على جمهورها بعبارات بسيطة لكنها تمسّ القلب، مثل قولها: “ليه دايمًا في بالي ليل ونهار، بين حلم عادي وبين أفكار، أفكار بتسأل ليه وإزاي؟”، هذه الكلمات ليست فقط أغنية أو بيتًا شعريًا، بل حالة وجدانية تعبّر عن ذاك التردد البشري بين الواقع والحلم، بين الرغبة في السكون والبحث عن الإجابة، بين بساطة الحنين وتعقيد الأسئلة. وهذا ما يجعل سيمون قريبة من جمهورها، لأنها تشبههم، لأنها لا تقدم دروسًا من برجٍ عالٍ، بل تتحدث من نفس الأرض التي يعيش عليها الجميع.

عطاء بلا انقطاع ومسيرة لا تعرف الاستسلام

قد لا تظهر سيمون كل يوم على الشاشات، لكنها عندما تظهر، تترك بصمة لا تُنسى، فهي تعرف متى تتكلم، ومتى تصمت، ومتى تبوح، ومتى تنتظر.

وهي لا تعتمد على كمّ الأعمال، بل على جودتها وروحها، ولهذا ما زالت تحظى بحب وتقدير جمهورها الذي كبر معها، وما زال يُقدّر تلك الروح الجميلة التي تحملها وتُصرّ على تقديمها رغم تغير الزمن.

وكما تقول: “سأظل أحاول وأعافر وأجتهد قدر استطاعتي، لأنه عملي وهويتي ومشواري الغالي مع جمهوري الحبيب.”، وهي جملة كافية لأن نفهم عمق علاقتها بالفن، وتقديرها للجمهور الذي لم تتخلَ عنه ولم يخذلها يومًا.

النجمة التي تعلمت من الحياة… وعلّمتنا الكثير

لم تكن حياة سيمون سهلة، لكنها اختارت دائمًا الجانب المضيء، الجانب الذي يربّت على النفس ويطمئن الروح، هي لا تتحدث عن الألم كثيرًا، لكنها تفهمه جيدًا، وتختار أن تواجهه بالحب والتسامح.

كتبت مرة: “علمتني الحياة أن أجعل من نفسي بيتًا عماده المحبة، والتسامح، والعفو، وأن أتخذ من الأمل مصباحًا ينير طريقي أينما اتجهت.”، وهذه ليست فقط كلمات، بل وصايا حقيقية من فنانة تعيش ما تقول، وتُمارس ما تؤمن به، وتمنح من نفسها بصدق دون أن تنتظر المقابل.

سيمون… دائمًا عيش اللحظة

في عالم سريع، مرهق، مليء بالضجيج والصراعات، تبقى سيمون صوتًا مختلفًا يدعو للهدوء، للسلام، للعودة إلى الذات، إلى ما هو حقيقي.

تقول: عيش_اللحظة، وكأنها تُذكّرنا بأننا كثيرًا ما ننسى اللحظة نفسها ونحن نلهث خلف القادم.

هذا الشعار البسيط يعكس منهجًا حياتيًا نحتاجه جميعًا، ويليق تمامًا بفنانة لا تركض خلف التريندات، بل تصنع لنفسها مساحتها الخاصة وتدعونا للدخول إليها دون تكلّف أو تصنّع.

خاتمة: سيمون… زهرة في حديقة الفن لا تذبل

سيمون ليست فقط فنانة، بل تجربة إنسانية كاملة، تعلّمنا منها أن الجمال الحقيقي لا يحتاج إلى صخب، وأن النجاح ليس بالضرورة في الأرقام أو الظهور المتكرر، بل في الصدق، في البقاء، في أثر لا يُمحى.

هي زهرة نادرة في حديقة الفن، تُزهر حين تشاء، لكنها لا تذبل أبدًا. وفي زمن يبحث فيه الناس عن الحقيقة وسط الزيف، تبقى سيمون مرآة صافية، تعكس وجهًا من وجوه الفن الجميل… الفن الذي يشبه القلب اللولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock