
الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد”إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب” جملة عظيمة قالها لقمان عليه السلام لابنه وهو يعظه، ولا شك أنها وصية عظيمة جليلة لو عمل بها الناس لاستراحوا وأراحوا، ألا ترى أن اللسان على صغره عظيم الخطر، فلا ينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع، لذا كان حفظ اللسان من أخلاق الإسلام العظيمة التي حثنا عليها، وقد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن معنى حفظ اللسان، والمقصود به ألا يتحدث الإنسان إلا بخير، ويبتعد عن قبيح الكلام.
وعن الغيبة والنميمة والفحش، وغير ذلك، والإنسان مسئول عن كل لفظ يخرج من فمه حيث يسجله الله تعالي ويحاسبه عليه، حيث يقول الله تعالى ” ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ” وخذوا بأسباب الفوز برحمته جل فى علاه، فقد بيّنها لكم في كتابه، وبيّنها لكم رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في سنته، بقدر ما يكون معك من أسباب الرحمة يكون نصيبك من رحمة الله، فالناس بين مستقل ومستكثر، ورحمة الله تنال بطاعته وطاعة رسوله، فجدوا في طاعة الله وطاعة رسوله، واعلموا أنه على قدر ثبات العبد على الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار يكون ثباته على الصراط المنصوب على متن جهنم وعلى قدر سيره على هذا الصراط في الدنيا يكون سيره على ذلك الصراط فمنهم من يمر مر البرق ومنهم من يمر مر كالطرف ومنهم كالريح ومنهم من يمشي مشيا ومنهم من يحبو حبوا.
ومنهم المخدوش ومنهم من يسقط في جهنم وهل تجزون إلا ما كنتم تعملون ولذا نحن في اليوم مرات ومرات ندعو الله أن يثبتنا على الصراط المستقيم، فيارب ثبتنا على طريق الصالحين طريق الايمان طريق التقوى طريق التوحيد، طريق الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولائك رفيقا، فيا عباد الله عليكم أن تجتهدوا في أخذ أسباب الثبات وأن تحتفوا بها علما بأن المقام جد خطير والنتائج لا تخالف مقدماتها والمسببات مربوطة بأسبابها وسنن الله ثابتة لا تتغير، سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا، وإن طاعة الله أن تفعل ما أمرك به، وأن تترك ما نهاك عنه، كذاك طاعة رسوله أن تفعل ما أمرك به صلى الله عليه وسلم، وتترك ما نهاك عنه صلى الله عليه وسلم، عند ذلك أبشر قال الله تعالى ” وأطيعوا الله والرسول لعلكم تفلحون” وتنال رحمة الله عز وجل بتقواه.
كما ذكر جل في علاه فقال ” ولتتقوا والعلكم ترحمون” وتنال رحمة الله عز وجل باتباع ما جاء به صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، فاتبعوا رسوله تنالوا رحمة ربكم جل في علاه، ورحمة الله تنال بالصلاة والزكاة وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلله كم من الرحمات التي تنزل على المصلين وهم بين يدي ربهم يتلون كتابه ويركعون له، يسجدون له ويسبحونه بأقوالهم وقلوبهم وأعمالهم، فلله كم من الرحمات التي تتنزل عليهم، ويا له من حرمان يناله أولئك الذين تخلفوا عن هذا المكان العظيم الذي به تتنزل الرحمات، فاتقوا الله واجتهدوا في نيل رحمته، وإن من أعظم أسباب رحمته أن تكثروا من الاستغفار، والتوبة والرجوع إلى الله عز وجل، وابذلوا الأسباب التي تدركون بها رحمة العزيز الغفار، الرحيم الرحمن جل في علاه، فرحمته سبحانه وبحمده ما أقرب حصولها.
لمن صدق في طلبها، والله لا يخلف الميعاد، فإذا وعد أوفى وإذا قال صدق، ومن أصدق من الله قيلا، فخذوا أسباب الرحمة تنالوها في أنفسكم وفي أهليكم وفي أموالكم وفي شأنكم كله في دنياكم، ثم تفوزون برحمة عظيمة في أخراكم في الجنة التي أعدها الله لعباده الصالحين، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فاللهم اغفر لنا ولوالدينا ولوالديهم ولذرياتهم ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



