أخبار مصرفن وثقافة

محمد إمام يعود بعد غياب ب“الكنج” برمضان 2026

الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 

 

يبدو أن دراما رمضان المقبل على موعد مع زلزال فني غير مسبوق، فعودة النجم محمد إمام ليست مجرد عودة فنان لغائبٍ اشتاقه الجمهور، بل أشبه بعودة الملك إلى عرشه بعد هدنة قصيرة استجمع فيها طاقته ليعود إلى الميدان أكثر شراسة ودهاء. إمام، الذي لقّبه جمهوره بـ “الزعيم الصغير”، قرر أن يفتح النار هذه المرة من العيار الثقيل، بمسلسل الكنج الذي يحمل في طياته معاني التحدي والهيمنة، ويجسد فيه شخصية “حمزة الدباح” — الاسم الذي سيصبح حديث الشارع العربي بمجرد انطلاق أولى حلقات العمل.

 

في زمن تتكاثر فيه الأعمال الرمضانية وكأنها “نسخ متعددة من فكرة واحدة”، يطل محمد إمام ليكسر النمط ويقلب الطاولة على الجميع. فمسلسل الكنج ليس مجرد دراما اجتماعية أو أكشن استهلاكي، بل هو حرب رمزية بين الفن الحقيقي والصناعة المعلبة. تأليف الكاتب المبدع محمد صلاح العزب الذي يجيد بناء الشخصيات كأنه ينحت تمثالًا من لحم ودم، وإنتاج عبدالله أبو الفتوح المعروف بذكائه التجاري وقدرته على رصد التريند قبل أن يولد، وإخراج شيرين عادل التي تجمع بين الحس الإنساني والحدة البصرية في مشاهدها، كلهم اجتمعوا في عمل لا يعترف بالوسطية: إما أن تحبه بجنون أو تُصدم من قوته.

 

شخصية “حمزة الدباح” التي يؤديها إمام تبدو كأنها تجسيد لثورة داخلية أكثر منها مجرد دور تمثيلي. هو رجل خرج من الظل إلى النور، من القاع إلى القمة، من الهامش إلى صدارة المشهد، تمامًا كما فعل محمد إمام نفسه في مسيرته الفنية. كأن “الكنج” هو سيرة ذاتية خفية تروى بلغة الدراما لا بالكلمات. الشخصية تمشي على الحافة بين الخير والشر، وبين القوة والإنسانية، لتعيد طرح السؤال الأبدي: هل يولد البطل من رحم الألم أم من شهوة السيطرة؟

 

ومن الواضح أن محمد إمام لا يبحث هذه المرة عن “إعجاب” الجمهور فحسب، بل عن هزّ وعيهم. فاختياره لهذا العمل في موسم مشحون بالمنافسة لا يمكن أن يكون صدفة، بل رسالة واضحة: “أنا لم أعد لمجرد المشاركة.. أنا عدت لأنتصر”. ومن اللحظة الأولى لإعلان المسلسل، تردد في الكواليس أن بعض النجوم والمخرجين أصيبوا بالارتباك، لأن دخول محمد إمام إلى السباق الرمضاني يعني ببساطة أن الموازين ستتغير.

 

رمضان القادم لن يكون موسمًا عاديًا، بل حربًا ناعمة تُدار بالكاميرا لا بالسلاح. فبينما تتهافت القنوات على شراء المسلسل قبل عرضه بأسعار خيالية، يتداول الجمهور صور “حمزة الدباح” وكأنهم أمام أسطورة جديدة تُكتب في الدراما المصرية. واللافت أن محمد إمام لا يعتمد على اسم والده الزعيم الكبير عادل إمام، بل يصنع لنفسه زعامة موازية — زعامة الشباب والجرأة والمغامرة. هو لا يقلده، بل يواصل المسيرة من زاوية مختلفة، أكثر تمردًا وجرأة، وكأنه يقول: “أنا من مدرسة الزعيم، لكني أكتب منهجي الخاص”.

 

النقاد الذين شاهدوا لقطات من العمل وصفوه بأنه تحوّل جذري في مسيرة إمام، وأن أداءه يحمل طاقة جديدة لا تشبه أي مما قدمه سابقًا، فهو أكثر هدوءًا من الخارج، وأكثر اشتعالًا من الداخل. أما اللغة البصرية التي تقدمها شيرين عادل فهي مختلفة عن كل أعمالها السابقة، إذ تراهن على التفاصيل الصغيرة: نظرة العين، كسرة الصوت، ثبات الكادر في لحظة الصراع، لتجعل من “الكنج” لوحة مليئة بالرموز لا مجرد مسلسل للفرجة.

 

ربما ما يجعل “الكنج” صادمًا هو أنه يتعامل مع فكرة السلطة ليس فقط في معناها السياسي، بل في معناها النفسي والإنساني: من يملك القوة؟ ومن يملك القرار؟ وهل كل من انتصر في معركة، فاز بالحرب؟ هذه الأسئلة تلتصق بذهن المشاهد بعد كل حلقة، لتجعله شريكًا في التجربة لا متفرجًا.

 

وهكذا، يعود محمد إمام لا ليملأ فراغًا، بل ليخلق مساحة جديدة بالكامل. عودة تحمل رائحة التحدي وملامح النضج، وتؤكد أن هذا الجيل من الفنانين قادر على أن يصنع “ترينده” بنفسه، لا أن يركض وراءه. فـ “الكنج” ليس اسم مسلسل، بل إعلان صريح أن محمد إمام هو الرهان الأقوى في رمضان القادم.

 

وفي النهاية، قد يختلف النقاد حول التفاصيل، وقد تنقسم الآراء بين من يراها مغامرة ومن يصفها بالعبقرية، لكن المؤكد أن “الزعيم الصغير” عاد ليفرض قانونه الخاص، وأن “حمزة الدباح” لن يكون مجرد شخصية رمضانية.. بل أسطورة تُولد على الشاشات لتبقى في الذاكرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock